strong> صباح أيوب
«أنا لبنانية عربية مسلمة سنيّة. أنا مسلم سنّي لبناني. أنا مش مضطرّ حدا يعرف شو أنا»، هكذا يعرّف «أبطال» شريط «السنّة ـــــ أصداء من لبنان» لهادي زكّاك عن أنفسهم... «الناس في الجنوب خائفون، ولهم الحقّ في ذلك»، هذا ما يقوله فيليب بجالي، مخرج شريط ثان بعنوان «ذكرى خالدة».
قبيل إطلاقها، أعلنت «أخبار المستقبل» أنّها تراهن على أحداث لبنان قبل أي شيء آخر. وبعد انطلاقة باهتة، يبدو أن المحطة بدأت تنفتح على التجارب المحلية والأفلام الوثائقية التي قد تثير الجدل، حتى تلفت الانتباه. وها هي «فيوتشر نيوز»، تعقد أمس مؤتمراً صحافياً في فندق «فينيسيا» لتعلن عن إطلاق باكورة أعمالها المشتركة مع شركة «غولف تراند» للإنتاج، عبر عرض سلسلة أفلام وثائقية لبنانية كل ليلة سبت، حتى نهاية الشهر. وفي اللقاء الأول للمحطة مع أهل الصحافة، كشفت ديانا مقلّد، مديرة البرامج غير السياسية، النقاب عن ثلاثة أفلام فقط من السلسلة المرتقبة، و«نحن محطّة تطمح إلى أن تكون منبراً للأفلام الشبابية ذات المهنية عالية وأن تدعمهم إعلامياً وتمويلياً». البداية ستكون مع «ذكرى خالدة» لفيليب بجالي الذي يعرض مساء غد، يليه تباعاً «الشيعة ـــــ أصداء من لبنان» (19 ك2/ يناير) و«السنّة ـــــ أصداء من لبنان» (26 منه) لهادي زكّاك. الأفلام الثلاثة حديثة، صُوّرت وأخرجت بعد حرب تموز (يوليو) 2006. وهي تعكس، على طريقتها، أحوال المجتمع وتغيّراته بعد أحداث حرب الـ«33 يوماً». أما «أخبار المستقبل» التي ترعى إعلامياً هذه الأعمال، فشدّدت على أنّها «لم ولن تتدخل في مضمون أي شريط وثائقي، وهي مجرّد وسيلة لعرض تلك الأفلام وتشجيعها، شرط أن تتمتع بالمستوى المهني والفنّي المطلوب، خصوصاً أن هذا المولود الجديد يسعى إلى تخصيص حصّة من منبره، للأفلام الوثائقية».
يتوجّه المخرج زكّاك إلى الشباب الذين يتناولهم في سلسلة أفلام «أصداء من لبنان»، وإلى الجمهور القليل في الصالة، قائلاً: «لدينا الكثير من الغسيل الوسخ، وقد حان وقت نشره (...). نعرف أننا لا نستطيع أن نغيّر العالم، لكن المهم ألّا يغيّرنا هو». في الشريط، يصور زكّاك كيف أنّ مجتمعنا بات مفروزاً طائفياً، ومفككاً مذهبياً: معتقدات ومبادئ وحوارات ومشادات كلامية، تعكس كلّها مدى تفكّك المجتمع اللبناني، ولا سيما بعد حرب تموز الأخيرة. يخصص كل فيلم من أفلامه لشباب ينتمون الى أحزاب وطائفة معيّنة، ويعرض كيفية تفكير الشباب الذين باتوا «امتداداً لخطاب سياسي طائفي مشحون». ويوضح سبب تخصيص فيلم لكل مذهب كبير في البلد، أي الشيعة والسنّة ثم الموارنة (لم يحدد موعد عرضه بعد)، قائلاً: «لكل طائفة مقاربة خاصة بها. نرصد من خلالها التحوّلات التي طرأت على المجتمع التابع لها»، مع إصرار المخرج على ابراز حضور دائم للعلماني الذي يحاول أن يشقّ طريقه داخل هذا المجتمع. فهل من مكان بعد للعلمانية؟ وهل من طريقة لإنقاذ المجتمع من سمومه؟ جواب زّكاك: «نعم بالثقافة والفنون السينمائية والموسيقى»...
أما فيليب بجالي، صاحب الشريط الثالث، فقد راح «يبحث عن زاوية جديدة لعرض ما جرى في حرب تموز». وقد اختار أشخاصاً لم تتناولهم وسائل الإعلام ومشاهد خاصة لم تعرض قط. وذلك، عبر الاستعانة بما صوّره أحد الهواة الشباب أثناء العدوان خلال وجوده في الجنوب. إنه أحمد بكري الذي منعته والدته من الخروج تحت القصف لتصوير الحرب وأرشفتها، وهو البطل الأساسي في فيلم «ذكرى خالدة». هناك أيضاً الصحافي لطف الله ضاهر الذي كان يعمل أثناء الحرب، لكنه ما زال يحتفظ بصور وأفلام خاصة جداً من تلك الفترة. كذلك أراد بجالي أن ينتقل، بعد سنة على انتهاء الحرب، إلى رؤية الناس الذين التقطتهم كاميرا الهاوي الجنوبي وتصوير ردود فعلهم بعد مشاهدتهم صوراً عاشوها يومياً في الحرب.
هل تأتي هذه الأفلام بأي جديد يحدث تغييراً في المشهد التلفزيوني اللبناني، ويكرّس مكانةً للشرائط الوثائقية في ذهنية المشاهد؟ سؤال برسم الأفلام التي يبدأ عرضها غداً...

كل سبت 21:00 على «أخبار المستقبل»