باسم الحكيم
حملت لواء المرأة اللبنانية، منذ كانت على مقاعد الدراسة، وتراهن على الدراما وسيلةً للتغيير، وها هو «عصر الحريم» الذي كتبته أيام الجامعة، يبصر النور قريباً. كما تدرس إمكان تحويل «فاميليا» إلى فيلم سينمائي، وتحضّر للجزء الثاني من «جيران» مع طلاب «ستار أكاديمي»

لم تقرّر الكاتبة منى طايع إنهاء المعركة بعد. ما زالت تحارب ذلك «المجتمع الذكوري الذي يعطي حقوقاً للرجل ويمنعها عن المرأة». ولعل الخلطة العاطفيّة التي قدّمتها في «فاميليا»، شكّلت صرخة ضد ظلم المجتمع وتحكمه بمصير المرأة وحياتها، وإخضاعها قسراً لسلطة الرجل. هناك، تمرّدت نبيلة شقير (رولا حمادة)، وقبلها ناضلت مي سلامة (كارمن لبّس في «ابنة المعلم»)، لتؤكد أنها قادرة على جعل العلم بمتناول جميع أهالي قريتها. لكن كل ما قدمته طايع حتى الآن شيء، ومسلسلها «عصر الحريم» الذي كان أول ما كتبته في حياتها، وسيجد طريقه إلى التصوير أخيراً في آذار (مارس) المقبل، شيء آخر. وهذا العمل لن يكون الوحيد الذي يصوّر لها خلال العام الحالي، إذ أوشك المخرج أسد فولادكار على الانتهاء من تصوير «جيران» مع طلاب «ستار أكاديمي» (راجع البرواز). كما تحضر لتنفيذ مسلسل «أشرقت الشمس» مع «رؤى للإنتاج»، وتدرس مع الشركة نفسها إمكان استكمال سلسلة «فاميليا»، علماً بأن هذا العمل الكوميدي قد يطل في جزء رابع أو في فيلم سينمائي على غرار ما حدث مع عمليها «بنات عماتي وبنتي وأنا» و«غنّوجة بيّا».
نسألها بداية عن الانتقادات التي طاولت الجزء الثالث من هذه السلسلة، وخصوصاً جرأة الحوار، فتنفي هذه التهمة، مؤكدة: «سمعت أنه جريء، لكن هذا الكلام يرد دوماً في الأفلام الأميركيّة، وأحياناً في أفلام الرسوم المتحركة... ثم ليس بالأمر المستهجن أن تتحدث صحافية ثوروية ومعاصرة، تملك مجلة تطالب بحقوق المرأة والإنسان، مع ابنها في موضوعات جنسيّة». وترى طايع نفسها أقل جرأة من كتاب آخرين، طرحوا موضوعات وشخصيات جريئة، «فمروان نجّار تناول الاغتصاب في حلقات «صارت معي»، وشكري أنيس فاخوري يصوّر في العديد من أعماله المرأة العاهرة». كما ترى أن طرح هذه الموضوعات في الدراما بات يشكل ضرورة، وخصوصاً بعد انتشار التوعية الجنسية في المدارس. أضف إلى ذلك، أن «مسلسلي يخيّر الشباب بين الحب والجنس، ويعيدهم في النهاية إلى أن الأولوية هي للحب».
وبعد سنوات من التأجيل فرضتها ظروف إنتاجيّة وأوضاع البلد، ستدور عدسة المخرجة كارولين ميلان لتصوير مسلسل «عصر الحريم» في ثلاثين حلقة، سيكون من إنتاج مشترك بين شركتي «رؤى للإنتاج» و«مروى غروب» وسيعرض على LBC. وتتوزع بطولته بين نخبة من الممثلين منهم إلسي فرنيني، وأنطوان كرباج، وهيام أبو شديد، وجوزيف بو نصّار، ونادين الراسي، وبيتر سمعان، ويوسف الخال، ووليد العلايلي... تقول طايع: «كنت لا أزال على مقاعد الجامعة يوم كتبت السيناريو، ولا أراه مجرد عمل درامي، بل صرخة تعبّر عنّي، واعتراض على التمييز بين الرجل والمرأة. ففي مجتمع لا يعترف بحقوق المرأة، يُسمح للرجل بأن يخون زوجته المظلومة، ولا يحق لها الاعتراض، إنما الرضوخ للأمر الواقع من أجل السترة». كتبت طايع نصّها قبل نحو 25 عاماً. وبعد الاتفاق على تنفيذه أخيراً، «لم أعدل شيئاً في البناء الدرامي، بل في بعض التفاصيل الهامشّية، لا في الأعماق، لكونه استغرق سنوات من الكتابة». وتضيف شارحةً أن «العمل اجتماعي يطرح نماذج مختلفة من النساء، ويرصد قضاياهن ومشاكلهن، بدءاً من المرأة المتزوجة والعزباء، مروراً بالمطلّقة والأرملة والتقليدية، ووصولاً إلى الفتاة الطموحة والمتحررة التي هي أكثر من يمثلني». ترفض اعتبار اعتراضها على عقليّة المجتمع، أنها نقمة على الرجل، «لأنني أحمّل المرأة أيضاً مسؤولية ما يحصل معها، لكونها تركت له الحبل على الغارب، ورضيت بأن يقودها». وتشير إلى أن «مصير المرأة في كل العالم العربي هو ذاته، وإن كانت المرأة اللبنانيّة متحرّرة بعض الشيء أكثر من سواها».
وقبل الانتهاء من تنفيذ «عصر الحريم»، يخوض المخرج ميلاد أبي رعد أولى تجاربه مع الدراما التاريخيّة في مسلسل «أشرقت الشمس» الذي تواصل كتابة حلقاته الأخيرة حاليّاً، تمهيداً لتصويره خلال الصيف المقبل. وتشير طايع إلى أنه «يصوّر نقاطاً من الاحتلال العثماني للبنان من خلال امرأة فقيرة في مطلع شبابها تؤدي دورها رولا حمادة، تعمل خادمةً في أحد منازل المشايخ، وتعيش قصّة حب مع أحد أبناء تلك العائلة وتتزوج منه. وتنتهي الأحداث مع انتهاء الاحتلال». ويشارك في العمل جورج شلهوب، وإلسي فرنيني في شخصية صاحبة خمّارة، تساعد المقاومة في مواجهة الاحتلال. تفضل عدم الرد على سؤال يتعلق بالميزانية التي سترصد لهذا العمل، «لأن هذا الأمر هو من اختصاص الشركة المنتجة». لكنها تستدرك: «وعدني المنتج مطانيوس أبي حاتم بتقديم صورة جيّدة، سواء لجهة اختيار مواقع التصوير أو لجهة عدد الكومبارس»، مضيفة أن «LBC أيضاً ستعامله بالمثل، وستشتري حقوق عرضه بسعر أعلى مما تشتري به بقيّة الأعمال الدرامية».
أخيراً، تجد طايع أن الدراما اللبنانيّة باتت قضيّة، على الشاشات المحليّة أن تؤمن بها «حتى نعيد الثقة بها عربيّاً». وتقول إن «النصوص اللبنانية كفيلة بالمنافسة العربيّة، غير أن المشكلة هي في الإنتاج. لأن المسلسل المحلي لا يعرض عربيّاً، وسوق المنتجين اللبنانيين ضيّق. من هنا، لا يمكن أن نلوم الشاشات العربيّة لأنها لا تثق بأعمالنا، لكن الوقت كفيل بإعادة هذه الثقة، وخصوصاً أن صناعة الدراما مثل صناعة الغناء، تحتاج إلى اهتمام ورعاية».