تونس ــ حسان طاهري
تبدأ بعد ظهر اليوم في العاصمة التونسية، فعّاليات المؤتمر الأول للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، على أن تستمرّ هذه الفعّاليات يومين. ويشهد المؤتمر غداً دورة الانتخاب الأولى لقيادة النقابة الجديدة، بعد تفكيك جمعية الصحافيين التي كثيراً ما عُدّت مقرّبة من السلطة. وفيما يناقش المؤتمرون اليوم مسألة توريث رصيد جمعية الصحافيين المادي والمعنوي للنقابة، سيعملون غداً على تنقيح القانون الأساسي للجمعية، وانتخاب المرشحين للهيئة الإدارية. ويتنافس على مقاعد المكتب التنفيذي 45 صحافياً، رُفض منهم اثنان: الأول لم يستجب لشرط العشر سنوات أقدمية، والثاني قدم ترشحّه بعد فوات المدة القانونية لذلك. وفيما حسمت المنافسة بين أربع قوائم منفصلة، كان لافتاً تقديم عدد كبير من أعضاء الهيئة المديرة للجمعية، ترشّحهم لانتخابات النقابة. وفيما لم يجدد فوزي بوزيان، الرئيس الحالي للجمعية ترشّحه، يعود محمد بن صالح، الرئيس السابق للجمعية إلى المنافسة. وتضم قائمته وجهين من الهيئة السابقة المديرة، هما عبد الكريم الجوادي وسنية العطار. واختار الهاشمي نويرة، ترؤس قائمة، كذلك فعل الصحافي ناجي البغوري الذي يترأس قائمة «البديل النقابي المستقلة». أمّا «القائمة المهنية المستقلة»، فتضم صحافيين مستقلين، حملوا شعار «الصحافة كرامة ومسؤولية»، وهم: خميس الخياطي، وراشد شعور، وزياد الهاني، وعبد الحق طرشوني، ومحسن عبد الرحمان.
وتراهن هذه القائمة على رفع الرقابة المفروضة على الصحافة في البلاد، وإلغاء القوانين الزجرية التي يتضمنها قانون الصحافة. ومن ضمن أهداف الصحافيين المستقلين، تطوير علاقة الشراكة مع السلطة، بشكل يحترم استقلالية النقابة وسيادة قرارها، كما يحترم استقلالية المهنة وحقوق الصحافيين. إضافة إلى بناء علاقة متميزة مع جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الصحافية في العالم. ويشدّد البرنامج الانتخابي للصحافيين المستقلين على الدفاع عن القدرة الشرائية للصحافيين، وتوفير سكن لائق لـ300 صحافي، وفرض أجر لا يقل عن 950 دولاراً أميركياً في الشهر، ودفع البرلمان نحو إصدار قانون موحّد للمهنة. كما يتعهد البرنامج إنشاء مرصد للحريات الصحافية يراقب الانتهاكات الممارَسة على الصحافيين أثناء عملهم، فضلاً عن إدراج نص قانوني يكفل حصانة الصحافي، وإلغاء كل أشكال الرقابة على المواقع الإلكترونية، وفتح المواقع المحجوبة، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي للصحافيين.
ويقول زياد الهاني إن برنامج القائمة المستقلة يهدف أيضاً إلى العمل على إلغاء قانون حبس الصحافيين في حالات القذف والأخبار المزيّفة. أمّا الخياطي، فيرى أن حرية الصحافة تنطلق أساساً من ضمان كرامة الصحافي وحقوقه المادية. وهو يقول إن تأسيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين إنجاز تاريخي، «نعمل على ترسيخه حتى يكون تجسيداً أميناً لنضالات الصحافيين التونسيين بأجيالهم المتعاقبة».
وتمثّل حرية الصحافة إحدى «مناطق الظل» الأكثر سلبية في التجربة التونسية، إذ تحتل تونس حالياً المرتبة الـ145 من مجموع 169 دولة، في الترتيب السنوي لحرية الصحافة الذي تعدّه منظمة «مراسلون بلا حدود». وكان اجتماع عام للصحافيين في تشرين الأول (أكتوبر) 2007، قد أقرّ، بعد مخاض عسير، حلّ جمعية الصحافيين التونسيين، وتأسيس نقابة وطنية للصحافيين التونسيين مكانها. وتهدف هذه الخطوة إلى تمكين الصحافيين التونسيين للمرة الأولى، من المشاركة مباشرةً في المفاوضات مع مديري الصحف بشأن حقوقهم. على أن تكون هذه الخطوة الأولى من مشروع، هدفه إعطاء النقابة الحق في مراقبة المهنة، ما يعني أن تكون سلطة تنظيمية، تراقب احترام ميثاق الصحف.