باسم الحكيم
فجأة، ومن دون سابق إنذار، قررت المحطات اللبنانية أن تفتح على المسلسلات المحلية: الليلة، تصل المنافسة إلى ذروتها مع عرض «الينابيع» على LBC وإطلاق otv «مالح يا بحر». وعلى الطريق، أعمالٌ تعيد «الجديد» و«المستقبل» إلى الميدان... هل استفاقت الدراما اللبنانية أخيراً من سباتها؟

منذ سنوات طويلة، لم تعش الدراما اللبنانيّة فترة ازدهار مشابهة لتلك التي تشهدها اليوم. ويبدو أنّ معظم الشاشات المحليّة، اقتنعت بأن المسلسل اللبناني وجبة رئيسيّة، يصعب الاستغناء عنها أو تجاهلها. وإذا كان انضمام Otv إلى المشهد التلفزيوني أخيراً، وإعلانها أنّها ستضع البرنامج والمسلسل اللبنانيين في سلّم أولوياتها، فإن الصورة لم تنحصر بمجرد منافسة بين Otv كقناة وليدة، وLBC كمحطة راعية للإنتاج الدرامي في السنوات العشر الأخيرة. ذلك أنّ تلفزيون «المستقبل» أنهى قبل أشهر قليلة القطيعة مع المسلسل المحلي، فيما تحدثت مصادر في القناة عن نيّتها دخول ساحة الإنتاج بنفسها أو شراء بعض الأعمال اللبنانيّة من شركات الإنتاج. وهكذا، ستفتح بوابة الدراما اللبنانيّة على مصراعيها، وسيجد المشاهد نفسه أمام جملة مسلسلات تتوزعها LBC في المرتبة الأولى، Otv في المرتبة الثانية، ثم «الجديد»، و«المستقبل» بعدها، مع بقاء nbn والتلفزيون الرسمي خارج المنافسة حتى الآن. ولعله ليس من قبيل الصدفة، أن يتزامن إطلاق Otv لأولى حلقات مسلسل «مالح يا بحر» هذا المساء، مع بدء عرض «الينابيع» على LBC، بعد مرور أكثر من عامين على الانتهاء من تصويره ومونتاجه. وخصوصاً إذا عرفنا أن المؤسسة اللبنانية للإرسال روّجت بدايةً لثلاثيّة تضيء على «ليلة القرار» في حياة الرئيس فؤاد شهاب، قبل أن تستبدله بعد ساعات قليلة بإعلان آخر عن مسلسل «الينابيع».
على أي حال، يختلف الزمن الذي تدور فيه قصتي «مالح يا بحر» (للكاتب مروان العبد والمخرجة ليليان البستاني وإنتاج «رؤى بروداكشن») و«الينابيع» (تأليف رينيه فرنكودس، إخراج كارولين ميلان وإنتاج شركة «الخيال»). فالأوّل تاريخي تدور أحداثه خلال فترة الانتداب الفرنسي للبنان، فيما الثاني معاصر، يلتقي مع المسلسل الآخر بتناولهما للصراع الأزلي بين الخير والشر.
صوّرت المخرجة ليليان البستاني أحداث «مالح يا بحر» في منطقة أنفة الشمالية الساحلية، على اعتبار أنّ المسلسل يرصد قضية الإقطاع البحري خلال الانتداب الفرنسي للبنان، في ثلاثينيات القرن الماضي، وتأثيره في حياة الصيادين وانعكاساته على مستقبل أولادهم. تتمحور الأحداث حول خطّار (محمود سعيد)، الإقطاعي الظالم الذي استغل نفوذ «الأجنبي»، ليمعن بالصيادين وأهل بلدته تعذيباً وتنكيلاً، وليحتكر سوق السمك، من دون أي حسيب أو رقيب في ظل خوف الجميع من بطشه وظلمه. وليس تعاطي «خطّار» مع أهل قريته والصيادين، سوى صورة مصغّرة عن تعامله مع شقيقه أبو وائل (كمال الحلو) الذي يمنعه خوفه على أولاده الأربعة ومستقبلهم، من الوقوف في وجه أخيه المستبد الذي سلبه أمواله وأملاكه، فعاش مع أبنائه في فقر مدقع على شاطئ البحر. ضعف الأب سيتحول إلى قوّة عند ابنته الكبرى زينة (كارمن لبّس) التي تتحمل مسؤوليّة تربية إخوتها، وتنسى نفسها. كما تتصدى لعمّها، وتمنع قلبها من الوقوع في غرام ابنه كمال (يوسف حدّاد) الذي أرسله والده إلى باريس ليتابع دروسه الجامعيّة، ويعاشر المثقفين والجامعيين. وحالما يعود إلى القرية، يرفض ممارسات والده على الأهالي والصيادين.
يؤمن الكاتب مروان العبد بأن التاريخ يعيد نفسه. من هنا، يرى بأن «ما كان يحصل منذ عقود، يتكرر اليوم. ويمكن إسقاطه على واقعنا الحالي، ليمثّل دعوة إلى أهل البلد الواحد بألّا يستقوي أحدهم على الآخر، بل يقفوا معاً في وجه الأجنبي المستبدّ». يشارك في العمل طوني عيسى، وكارلوس عازار، ونغم أبو شديد، وهم أشقاء زينة. إضافة إلى تقلا شمعون (صونيا) التي تتبنى موهبة واصف (شقيق زينة)، وميشال الحوراني الملحن الذي يستفزّه دخول واصف حياة محبوبته. ويطل في المسلسل أيضاً عمر ميقاتي بدور خادم عائلة الشقيقين، وناظم عيسى في شخصية المختار، وطوني معلوف بدور ابن أحد الأغاوات، وبياريت قطريب في شخصية زوجة أحد الضباط الفرنسيين.
أما مسلسل «النيابيع»، فتنقلت كارولين ميلان في تصويره بين عدد من المناطق اللبنانيّة، قبل أن يكمل تنفيذ حلقاته الأخيرة مساعدها فيليب أسمر، بعد نشوء سوء تفاهم بينها وبين الجهة المنتجة. يمثّل العمل، أول عهد رينيه فرنكودس بالدراما الاجتماعيّة، بعد كتابتها سابقاً حلقات كوميديا «المحتالة» التي عرضتها LBC قبل سنوات. في «الينابيع»، تطلق الكاتبة دعوة للتعلق بالأرض والتمسك بها وعدم هجرة الوطن، مهما قست الظروف. وتشرح أن «الأحداث تبدأ مع جهاد (يوسف الخال) الذي يضلّ طريقه، ويدخل مفترقاً خاطئاً يغيّر مجرى حياته، فيصطدم بمجتمع جديد وبيئة وواقع مختلفين. هنا، تعمدت الكاتبة تسيلط الضوء على «تركيبة الإنسان وأسباب إقدامه على فعل الخير والظروف التي قد تدفعه إلى ارتكاب الخطأ»، مشيرة إلى أن «الظروف ستجبر هذا الشاب على العيش في مجتمع مليء بالصراعات والمؤامرات».
وتحرص على اعتبار مسلسلها مختلفاً عن بعض الأعمال حيث إن الخير والشر مطلقين، من دون مبررات مقنعة.
هكذا، سندرك الأسباب التي تدفع عليا (ورد الخال)، إلى التخطيط للحفاظ على ثروة زوجها المتوفّى توفيق (علي الخليل)، غير آبهة بحق ابنه العائد من الغربة. ستمثّل عليا المحور الرئيسي للأحداث في صراعها مع ابن زوجها، ولا تتوانى عن التخطيط لقتله في سبيل السيطرة على ثروته. ووسط معاركها، ستجد لحظات من الصفاء والحب مع منصور (فادي ابراهيم).
قصص الحب لن تغيب عن الأحداث، فجهاد سيعقع في غرام الطبيبة البيطرية نادية (ندى بو فرحات)، وهي تضحي بحبّها من أجل صديقتها سلوى (يمنى بعلبكي) المصابة بمرض القلب. وستفتح أبواب الحب أمام عصام (شربل زيادة)، ابن أخت عليا، وهو الأداة التي تنفّذ أوامرها. هذا الأخير سيقيم علاقة مع نبيلة (رانيا عيسى)، ما يؤدي إلى حملها. وبعد رفضه الاعتراف بابنها، يقرر نديم (يوسف حداد) الزواج بها، إنقاذاً لسمعتها. ويضم المسلسل أيضاً كلاً من جهاد الأطرش، وجوزيف بو نصّار، وزياد سعيد، وخالد السيد، وعصام الأشقر، ورنده حشمي، ورنده كعدي وإدوار الهاشم.

20:45 على Otv/ 20:45 على LBC