فرح داغر
لم يعد المشاهد اللبناني يبذل جهداً كبيراً للانتقال من البرامج التلفزيونية العادية إلى صور الأشلاء وحطام السيارات ودمار المباني أو حتى لقطات الكاميرا المرتجفة على الأكتاف...
بعدما أخذت الشاشات المحلية استراحةً موقتةً خلال الأعياد، ثم عادت وانخرطت قبل أيام في المشهد السياسي مع إطلاق المبادرة العربية وما تبعها من جولات وصولات من جهة، وزيارة بوش إلى المنطقة من جهة أخرى... جاء «ديكور» العنف أمس، ليؤكد مرة أخرى أنّ المشهد بوسعه أن يتبدّل في لحظة. أما أنظار اللبنانيين والعالم، فانصبّت كلّها على السفير الأميركي جيفري فيلتمان بعدما تبيّن أنّ المستهدف في انفجار الدورة أمس كان موكباً للسفارة الأميركية. ولما عُرف أنّ الضحايا ليسوا سوى مدنيين، عادت معظم الشاشات إلى «قواعدها» سالمةً، لتستأنف برامجها الاعتيادية بلا جلبة تُذكر!
لكن قبل ذلك، سارعت المحطات اللبنانية والفضائية إلى نقل أخبار الانفجار. عبدو الحلو، مراسل «ال بي سي» وأوّل الواصلين، كان يؤكد ـــــ عن بعد مئة متر من موقع الانفجار ـــــ أنّ الطريق كان خالياً من أي موكب أمني. وما إن وصل المراسلون حتى عادت أحجية «لوحة السيارة» إلى الأثير. فالبلبلة كانت قاسماً مشتركاً بين المحطات، إذ تريثت في الكشف عن هوية الموكب المستهدف أو أسماء الضحايا، وخصوصاً عندما تبيّن أنّ الانفجار استهدف موكباً للسفارة الأميركية. هذا الارتباك بدا وضحاً في تغطية «الجزيرة» أمس. استوديو الأخبار من الدوحة، ظلّ يستقي المعلومات من مكتب بيروت، ويتحفّظ عن كشف أي معلومة حاسمة، حتى وصل عباس ناصر، ولو متأخراً إلى قلب الحدث. كل ذلك قبل أن تتلقّف الفضائيات كلّها البيان الصادر عن السفارة الأميركية، قاطعة الشك باليقين حول جنسيات القتلى والجرحى.
حفلة الاتهامات عادت إلى الشاشة، ومحاولات توظيف الجريمة أيضاً: الوزيرة نايلة معوضة بالإنكليزية على «بي.بي.سي»، والنائب مصطفى علوش والنائب السابق فارس سعيد بالعربية على «ال.بي.سي»، والصحافي شارل أيوب على «المنار»... أما محطة «سكاي نيوز»، فعند نقلها الصور الأولى للانفجار عن «أل بي سي»، كان صوت المذيع داخل الاستوديو يعلّق: «لا نتهم حزب الله مباشرة، بل نضعه في خانة المشتبه بهم في تنفيذ عمليات مماثلة»!