علاء اليوسفي
عبد الحق صداح أمام الكاميرا في بثّ مباشر، وفي خلفية المشهد يبرز برج المملكة، أحد أهم معالم مدينة الرياض! نحن الآن نشاهد «الجزيرة» (لا «العربية»)، والصحافي الذي يتحدّث أمامنا هو موفد القناة التي كثيراً ما اشتهرت بمشاكستها للنظام السعودي.
«الجزيرة» هذه المرّة في الرياض لتغطية زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى المملكة بعدما سُمح لها بتغطية موسم الحج من مكّة المكرّمة، وبعد سنوات من منع بثها في السعودية.
صدّاح أمام الكاميرا في مناسبة سياسية هذه المرّة لا دينية، يجيب عن أسئلة المذيعة من استديو الدوحة ويستند إلى «مصادر موثوق بها» ـــــ حسب تعبيره ـــــ من داخل السعودية، لنقل ما رُشح عن أجواء اللقاء بين الملك السعودي والرئيس الأميركي... لقاء أفضى بحسب الموفد إلى الاتفاق على تزويد الرياض بـ900 قنبلة ذكية، وصواريخ باتريوت. إضافة إلى تقنيات عسكرية غير متوافرة إلا لدى الولايات المتحدة، في صفقة قد تبلغ قيمتها أكثر من 20 مليار دولار. يضيف موفد القناة أنّ مجمل هذه المشاريع هي بمثابة ردّ على الخطر النووي الإيراني. كما يتطرّق إلى طلب بوش بأن تلقي السعودية بثقلها في منظمة «أوبك» لزيادة كمية الإنتاج. الرسالة الإعلامية غير مستفزّة ولا مشاكسة، بل تبدو قريبة إلى الرسائل والتقارير التي تبثّ على المحطات الفضائية العربية، ومنها القنوات التي تدور سياسياً في فلك التمويل والرعاية السعوديين. رسالة حيادية كفيلة بأن يقف مراسل المحطة التي لم يعد يصحّ بعد اليوم اعتبارها مناوئة للنظام السعودي، على مشارف برج المملكة. لا ليتحدث عن صفقة جديدة كصفقة اليمامة، بل ليدشّن مرحلة جديدة من العلاقة بين قناة «الرأي والرأي الآخر» وبين النظام السعودي. وذلك، امتداداً لنقلة سياسية توّجها أمير قطر في أيلول (سبتمبر) المنصرم، عبر زيارة التقى فيها الملك عبد الله.
أكثر من ذلك، ينزل الموفد إلى الشارع السعودي، ويعدّ تقريراً عن آراء المواطنين السعوديين في زيارة بوش إلى المنطقة. كاميرا «الجزيرة» تجوب شوارع الرياض وأسواقها وتستفتي المواطنين... لكن بأي ثمن؟ وهل تكتمل الموضوعية التي ترفع القناة لواءها في حجب الأخبار والتقارير حيناً وبثها حيناً آخر؟ استطراداً، أما زال بوسع القناة فضح صفقات شبيهة بصفقة اليمامة، كما فعلت في السابق، وما زالت تفعل في دول عربية أخرى؟
أسئلة كانت قد طرحتها «الأخبار» بعد زيارة أمير قطر الأخيرة إلى السعودية، وما تسرّب منها عن إمكان فتح مكتب لـ»الجزيرة» في الرياض. خبرٌ يؤكده مصدر إعلامي سعودي مطّلع لنا، فيما يرفض مسؤولون في السفارة القطرية في الرياض التعليق عليه، على اعتبار أن شؤون القناة ليست من اختصاصهم. وهي خطوة تأتي من دون جلبة إعلامية، بالتزامن مع تقارب سياسي سوف يتوّج بعودة السفير السعودي إلى الدوحة قريباً.