بروكسيل ــ طه عدنان
«نقاط لقاء»: مسك الختام في بلجيكا

في حضور ولي عهد بلجيكا الأمير فيليب وزوجته الأميرة ماتيلد اللذين رافقتهما وزيرة الثقافة البلجيكية فضيلة لعنان، افتتحت في «المسرح الملكي الفلمنكي» في بروكسيل المحطة الأخيرة من الدورة الخامسة لمهرجان «نقاط لقاء»، على إيقاع الحرب الأهلية اللبنانية وعرض ربيع مروة «كم تمنت نانسي أن ما حدث ليس سوى كذبة نيسان».
أربعة ممثلين لم يبرحوا أمكنتهم على كنبة وسط الخشبة، رووا معايشاتهم للحرب الأهلية التي شهدها لبنان. كل منهم يحكي قصة مقتله أكثر من مرة. إنها استمرارية الموت التي عاشها المواطن اللبناني، والتي تكشف أيضاً في طياتها عن إصرار لافت على الحياة. قراءات متعددة للتاريخ اللبناني المعاصر تلاها الممثلون من خلال روايات شخصية فيها الكثير من المفارقة إلى حد التناقض. تناقض يعكس بدوره مفارقات هذا الواقع الصعب بالكثير من المبالغة الإبداعية الممتعة.
ووفق فري لايسن، المديرة الفنية لهذه الدورة من «نقاط لقاء»، فالعرض يعكس فلسفة المهرجان التي هي «دعوة إلى المشاهدة والتأمل في كيفية تعاطي الفنّانين العرب مع مجتمعاتهم. كيف يرونها؟ كيف يعيشونها؟ وبالتالي كيف يعيشون العالم من حولهم؟ فنظرتهم الخاصة تحمل دعوة إلى اكتشاف ما وراء الكليشيهات والتبسيطات المفرطة التي نحاول أن نفهم العالم من خلالها».
على امتداد عشرة أيام، تتوالى فعاليات المهرجان بمبادرة من صندوق شباب المسرح العربي (منظمة دولية تتخذ من بروكسيل مقرّاً لها) وبالتعاون مع «المسرح الملكي الفلمنكي». وسيركّز المهرجان الذي يستمرّ حتى 20 من الشهر الجاري، على الفنون المعاصرة من المسرح إلى الرقص والموسيقى والسينما والفنون الأدائية والبصرية.
المحطة البلجيكية جاءت ضمن مسار مكثّف لهذا المهرجان الدولي الذي يحتفي أساساً بالمواهب في العالم العربي والذي انطلق في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ليشمل تسع مدن عربية هي: الإسكندرية، عمان، بيروت، القاهرة، دمشق، المنيا، الرباط، رام الله وتونس قبل أن ينتقل إلى برلين ثم بروكسيل (راجع «الأخبار» ـــــ 13 ت2/ 2007).
ويأتي هذا الانفتاح على عواصم أوروبية حسب منسقة المهرجان خديجة البناوي «لإطلاع الرأي العام الفني في الغرب على ما يزخر به العالم العربي من طاقات إبداعية وفنية، وأيضاً لتوسيع دائرة الاهتمام بفناني المنطقة العربية المعاصرين». ويشارك في الدورة الخامسة من «نقاط لقاء» أكثر من 100 فنان و98 مؤدياً و48 معرضاً و45 فيلماً. «إنه موسم فنّي كامل يقدّم أعمالاً فنية ورؤى إبداعية تلتقي حيناً وتتناقض أحياناً، والجمهور مدعو ليشهد على هذا التنوع والثراء» تضيف البناوي.
الجمهور متنوّع بدوره خلال فعاليات «نقاط لقاء». فجمهور الروائية المصرية أهداف سويف المنتقى، وهي تناقش «قضية الأنا في الكتابة»، يختلف عن الجمهور الشبابي لفرقة الراب المغربية «آش كاين». أما جمهور عرض «مكان» للمغنية والعازفة الفلسطينية كاميليا جبران، فقد يتقاطع، بنسبة محدودة، مع جمهور «عيطة» للكوريغراف المغربية بشرى ويزكان. والجمهور الجدي خلال ندوة «الالتزام في الفن» التي أدارها طارق أبو الفتوح، وشارك فيها رائد ياسين ومهى مأمون إلى جانب الثنائي التونسي الراقص سلمى ويوسف ويسي، تخفّف تماماً من «جديته» وهو يتابع أفلام علي الصافي ومحمد الرومي ونجيب بلقاضي وساندرا ماضي... أو وهو يستمتع بالموسيقى الإلكترونية كما قدّمها مصري محمد رفعت «برلين : سيمفونية مدينة عظيمة». جمهور «نقاط لقاء» البلجيكي، متعدد بتعدّد ملامح الإنسان العربي المعاصر الذي تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية تنميطه، واختزاله إلى حقيبة برجلين مستعدة للانفجار في أيّ لحظة.