خالد صاغية
يُفترض بأبناء الشعب اللبناني أمام العجز الذي يواجهونه، وأمام تحلّقهم الموحّد حول زعماء طوائفهم، أن يتحلّوا بقليل من التواضع. لكن، كلّما ازدادت الأزمة السياسية تعقيداً، استعاض شعب الأرز عن فعله السياسي المسدود الأفق، بإظهار التعالي وتأكيد التفوّق الجينيّ.
هكذا مثلاً لا يجد السيّد ميشال المرّ حرجاً في القول إنّ شعب المتن «راقٍ»، في استعادة لخطاب أحد شهداء ثورة الأرز الذي وصف الشعب نفسه بـ«النوعية» مقابل «كمية» الطوائف الأخرى. أمّا هذا الرقيّ فيتجلّى، بحسب المرّ نفسه، بكون «المتنيّين لا يعبّرون عن مواقفهم بالتظاهرات».
وهكذا مثلاً يُكثر مَن ارتضوا لأنفسهم تلقّي الإهانات على عتبات عنجر من المزايدة في إلقاء خطب العنفوان والسيادة والثوريّة ورفض الخضوع.
وهكذا مثلاً لا يتورّع السيّد سمير جعجع عن إدانة الخطاب السياسي لأحد النواب عبر وصف مهنته بأنّها «حدادة وبويا للأسنان». أمّا النائب المعنيّ، نبيل نقولا، فيعيب على جعجع تحقيره لـ«مهنة شريفة يكسب منها حاملها معيشته من عرق جبينه»، لكنّه لا يلبث أن يتبرّع للإعلان أنّ «الموارنة هم من علّموا الديموقراطية للعالم منذ القدم». أمّا السبب، فهو أنّ «البطريرك كان ينتخبه المطارنة الموارنة الذين كان ينتخبهم بدورهم المقدّمون من رجالات مرموقين».
وما دمنا في طور البحث عن الرجالات المرموقين، فلا بأس من مراجعة المطالعة الشائنة لفؤاد السنيورة عن أزمة الكهرباء. ألا نوّر اللّه عقول الجميع.