«إتبرّع ولو بجنيه»... تلك هي العبارة التي سوّقتها الدعاية لإنشاء مستشفى مصري بجهود ذاتية، هو مستشفى «سرطان الأطفال ـــــ 57357» في القاهرة. وعلى رغم أهمية ذلك المستشفى الذي يعدّ الأكبر والأهم من نوعه في الشرق الأوسط، والذي يعالج سرطان الأطفال المصريين والعرب مجّاناً، صارت العبارة الشهيرة التي استُخدمت من أجل إقناع المشاهدين بالتبرّع، رمزاً يستخدمه المصريون للسخرية من حال بلادهم حيث باتت التبرعات والأعمال الخيرية، تمثّل جزءاً هاماً جداً من اقتصادها. ومن خلال الترويج المستمرّ ونقل مراحل بناء المستشفى خطوة خطوة إلى الجمهور، استطاعت الدعاية إقناع المصريين الذين يعانون أزمة ثقة دائمة بمآل تبرعاتهم، فإذا بهم يتبرّعون فعلاً بملايين الجنيهات، حتى تمّ إنشاء المستشفى واستيراد أجهزته إلى أن دخل الخدمة وامتلأت أسرّته عن آخرها.
إلّا أن عملية الترويج تلك، أثارت وما زالت تثير غضب كثيرين، لاحتواء معظم فقرات الدعاية على صور الأطفال المصابين بالسرطان. وقد رأى المعترضون أن في ذلك الأسلوب استخداماً للأطفال، يتنافى ومعايير الإعلام ومواثيق حقوق الطفل، إضافة إلى ابتزاز سافر لمشاعر المشاهدين. بينما رأى المؤيدون أن تلك أنسب وسيلة لإقناع المتبرعين وإثارة مشاعرهم تجاه تلك الأجساد الصغيرة التي جعلها المرض جلداً على عظم: أولئك الأولاد المتألمون، والبنات البريئات حليقات الرؤوس وقد جحظت عيونهن يحدّقن في الكاميرا، وأسفل وجوههن المتألمة على الشاشة يقرأ المشاهد «تعاطفك لوحده مش كفاية، إتبرع ولو بجنيه».