خالد صاغيّة
حين كان مؤتمر باريس 3 منعقداً، كانت شوارع بيروت مقفلة. أرادت القوى المتحالفة ضمن السلطة اللبنانية أن توجّه رسالة إلى المجتمعين في باريس بأنّ باستطاعتها أن تقف في وجه حزب الله، لا سياسياً فقط، بل ميدانياً أيضاً، وأنّ من يملك القوّة العسكرية التي تجبر إسرائيل على إنهاء عدوانها، لن يستطيع أن يستخدم القوة نفسها في أزقّة المدينة وشوارعها، حيث قواعد اللعبة مختلفة. وبالتالي، فإنّ قوى السلطة التي يريد المشروع الأميركي استخدامها، تستحق فعلاً الدعم من الأميركيين وحلفائهم. فهي، بقليل من الدعم، تستطيع أن تصمد وأن تنتصر، وأن تعطي المشروع الأميركي رقعة إضافية على طاولة الشطرنج الشرق أوسطيّة.
وحين كان مؤتمر وزراء الخارجية العرب منعقداً، كان القتلى يسقطون في شوارع الضاحية الجنوبية. مرّة أخرى، ثمّة من كان يريد أن يوجّه رسالة للمجتمعين: أنا قويّ. أنا أضرب بيد من حديد. لا مانع لديّ، بقليل من الدعم، أن أواجه أعداء المشروع الأميركي في لبنان. فعلى الوزراء العرب أن يتّخذوا كل الإجراءات لدعمي، وألا يضعفوا. فحزب الله لا يستطيع أن يواجه بندقيّة الجيش.
في كلتا الحالتين، وصلت الرسالة. أعطى مؤتمر باريس 3 جرعة دعم قويّة لفؤاد السنيورة، وأعلن الوزراء العرب تاريخ 11 شباط موعداً نهائياً لانتخاب المرشّح الرئاسي «التوافقي».
لم يمضِ وقت طويل قبل أن تتعطّل مفاعيل المؤتمر الباريسي. فمتى تنتهي المغامرة البونابرتيّة الجديدة؟