خالد صاغيّة
إذا ما عاد المرء إلى أرشيف الصحف قبيل انتخاب العماد إميل لحود، فسيقرأ مجموعة من المدائح التي تُكال نفسها اليوم للعماد ميشال سليمان. فثمّة مجموعة من السياسيين ومن أبطال المجتمع المدني (كما يسمّون أنفسهم) الذين يرون في ترشيح قائد للجيش لرئاسة الجمهورية فرصة للتقرّب من السلطة ولممارسة أكثر أنواع الانتهازية ابتذالاً.
واللافت أنّ هذا النوع من المديح يركّز أساساً على نظافة الكف ومحاربة الفساد. وهو تركيز مستغرب لأسباب عديدة:
أولاً، يعطي ذلك انطباعاً أنّ الشعب اللبناني المتحمّس لرؤية جنرال في سدّة الرئاسة شعب نابذ للفساد، في الوقت الذي نجد فيه هذا الشعب نفسه ملتفّاً، بطريقة لصيقة، حول زعماء ذاع صيتهم في ميدان الفساد وبناء الثروات غير المشروعة.
ثانياً، لا تبدو هذه الحماسة في محلّها، وخصوصاً أنّ التاريخ لم يؤيّد فكرة أنّ نظافة الكفّ في قيادة الجيوش تنعكس نظافة كفّ في سدّة الرئاسة.
ثالثاً، هل يصدّق اللبنانيون أنّ ما يفوق أربعين مليار دولار من الدين العام هو نتيجة لهدر وسرقات، وأنّه لا علاقة للنهب المنظم والقانوني بها؟
قد لا يحبّذ كثيرون من مؤيّدي قائد الجيش فكرة حكم الفرد الواحد. لكنّ الحرب على الفساد، في بلد كلبنان، سرعان ما ستتحوّل إلى حرب على السياسيّين. وسيبقى الجنرال وحيداً، إمّا سيّداً على القصر وإمّا... أسيراً فيه.