حصاد الثقافة 2015 | لم يكن ينقصنا إلا أن يقتحم الأمن، بحجج تقنية ومالية واهية، مراكز ثقافية حيوية في وسط القاهرة التاريخي («تاونهاوس غاليري»، و«مسرح روابط»، و«دار ميريت»)، كي تنتهي السنة البائسة كما بدأت: على قمع الثقافة. حدث ذلك في المدينة الرمز التي احتضنت الأمل، قبل أن تغرق مجدداً، والعرب كلّهم معها، في ليل الخيبة والاستبداد، وتفاقم الأصوليات الانتحاريّة التي تعبّر عن قهر عميق: سياسي واجتماعي وحضاري. ليست القاهرة وحدها، وقد خسرت هذا العام الأبنودي والغيطاني وكلفت والخراط... من يعيش انهيار الحلم وعودة الاستبداد بأشكاله المختلفة. ألم تشهد بيروت تشنّجاً مقلقاً، بين صعود الخطاب المحافظ، وانحسار الثقافة رغم الازدهار الظاهري، المناسباتي، وضياع المثقفين وسط دخان الخنادق؟ في العاصمة اللبنانية التي خسرت بدورها العلامة التنويري غريغوار حدّاد، والفوضوي اللاذع ريمون جبارة... ازداد تطاول المؤسسة الدينية، ومن ثم الرقابية، على الفن والإبداع. كأنها معركة استعادة نفوذ وفرض وصاية على المجتمع الأهلي، بالاستفادة من حالة الفراغ والذعر والتفتت في البلد والمنطقة. إن انبعاث المثقف المأمول، يكون بمواجهة مؤسسات الوصاية، تمسّكاً بآخر مساحات الحرية في العالم العربي.