حوراء حوماني
هو المتمرّد على الأنظمة العربية والشاهد على تفجيرات شرم الشيخ، والصيّاد الذي يعيش «نعمة» الانفتاح الاقتصادي أيام السادات... باسم ياخور يريد الدراما مرآةً للواقع المرير، وينتظر بفارغ الصبر صدور فيلمه المصري الأوّل «خليج نعمة»

زار باسم ياخور بيروت الأسبوع الماضي، بدعوة من الفنان دريد لحام وتلفزيون «المنار»، لتصوير إحدى حلقات برنامج «نورتو». الممثل السوري الذي عرض خلال الحلقة أبرز محطات مسيرته الفنية، أبدى حرصاً شديداً على التأكيد أنّه طرق أبواب القاهرة بحثاً عن التنويع، رافضاً الحديث عن هجرة فناني دمشق إلى هوليوود الشرق لأنّه «ليس لنا غنى عن سحر الشام».
هكذا يبدأ ياخور حديثه إلى «الأخبار»، مشيراً إلى أن مشاركته في فيلم «خليج نعمة» الذي ينزل إلى الصالات المصرية عشية عيد الأضحى، سيمثّل امتحاناً حقيقياً بالنسبه إليه، قبل الشروع بتنفيذ أعمال مصرية أخرى، وخصوصاً أنه يبدأ خلال أيام تصوير مسلسل مصري، سيعرض في رمضان المقبل، ويحمل عنوان «البديل»، من إخراج نادر جلال وتأليف بشير الديك الذي كتب فيلم «ناجي العلي»، وبطولة هشام سليم وعلا غانم. ويقول إن «البديل» سيطرح قضايا سياسية معاصرة خطيرة جداً و«تدور أحداثه في دولة افتراضية يحكمها ديكتاتور متعسّف. هناك، ستنشأ حركات ثورية للتحرر من سطوة الحاكم. إلا أن هذه الحركات تتحول إلى نظام ديكتاتوري أسوأ من ذلك الذي كانت تعارضه». لكن هل يخشى أن يتطاول مقصّ الرقيب على العمل، مثلما حدث أخيراً مع فيلم يوسف شاهين «هي فوضى» الذي يضيء أيضاً على مظاهر الظلم والقمع والاستبداد؟ يجيب: «لهذا السبب ستصور الأحداث في مدينة افتراضية. والدخول في تفاصيل الواقع، قد يؤدي إلى نتائج خطيرة، لا تُحمد عقباها». ننتقل للحديث عن ظاهرة انتقال الفنانين السوريين إلى القاهرة، فيرفض تصنيف ذلك «نزوحاً»، «لأنها ببساطة تجارب فردية، تستمرّ وفق نجاحها». ويرى أن انفتاح المصريين على التجارب العربية ظاهرة صحية، «أما تجربتي الشخصية فتخضع لتقويمي الذاتي، ومدى قبولها لدى المشاهد». موضحاً أن «استمراري في القاهرة، يبقى رهن استفادتي منها على الصعيد الشخصي».
من هنا، يعوّل ياخور على تجربته السينمائية الأولى في «خليج نعمة»، ويراها خطوة أساسية على الصعد كلها. ويضيء الشريط الذي يخرجه مجدي الهواري، على عمليات التفجير التي هزّت شرم الشيخ قبل عامين، ويشارك في بطولته غادة عادل، وأحمد راتب. كذلك يقرأ سيناريو مسلسل ثان هو «أولاد البحر»، لعبد الفتاح البيه، وإخراج عمر عبد العزيز. ويرصد المسلسل الانفتاح الاقتصادي في مصر، وآثاره الاجتماعية والسياسية، في نهاية عهد أنور السادات وبداية عهد حسني مبارك. وتدور الأحداث في بور سعيد، حول قصة صياد سمك بسيط يتحوّل إلى واحد من كبار رجال السياسة والثروة في المنطقة.
لكن ياخور لم يبتعد كثيراً عن دمشق. إذ انتهى أخيراً من تصوير «ضيعة ضايعة»، وهو عمل كوميدي لليث حجو، «يرصد الحياة في قرية منعزلة عن العالم. وهي قرية عذراء، لم تلوثها مفاهيم المدينة وعاداتها، ولم تغزُ شوارعها ثقافة الاستهلاك». ويشارك في البطولة زهير رمضان ونضال سيجري وتولاي هارون، وعدد من فناني اللاذقية «لأنّ العمل أساساً بيئي جاء بلهجة أهل اللاذقية». وصوّر المسلسل خلال ثلاثة أشهر على الحدود السورية التركية في مناطق جبلية نائية، على أن يُعرض قريباً على «أبو ظبي».
يصف ياخور علاقته بالمخرج حجو بـ«شراكة عمر»، لذا يؤكد أنه سيلمّ شمل نجوم مسلسل «بقعة ضوء»، أي هو والليث حجو والممثل أيمن رضا، لتقديم جزء جديد. وذلك، على رغم الخلافات التي نشبت بين الثلاثة قبل مدة، وإعلانهم على صفحات الجرائد انتهاء الشراكة، «بعدما فقد العمل بوصلته». ويؤمن ياخور بدور «بقعة ضوء» في مخاطبة المواطن وهمومه، والإضاءة على مناطق الكوميديا الحقيقية النابعة من روح الحارة الشعبية.
الممثل السوري قدّم في رمضان المنصرم مسلسلين محليين، هما «وصمة عار» الذي أدى فيه دور زعيم انتقامي، و«فجر آخر» الذي قدّمه بدور محام نزيه يدافع عن الفقراء. وقد عرض الأخير حصرياً على شاشة «سين» التابعة لشبكة «أوربت»، والتلفزيون السوري، «لكنه سيعرض على قنوات عدة خلال الفترة المقبلة». من هنا، لا يخاف بطل الجزء الأول من «خالد بن الوليد»، على مستقبل الدراما السورية، «لأنها تسير بشكل متوازن، على رغم بعض المطبات». ويرى أن اتجاه الدراما إلى الاعمال التاريخية الجماهيرية «تأخذ منحى تسويقياً لأنّ الأعمال التاريخية تلقى قبولاً لدى المشاهد الخليجي»، إضافة الى أهمية هذا المنحى من الناحية الفكرية «لأننا مرتبطون بتاريخنا بشكل وثيق»، معتبراً «أننا مجبرون على تجسيد التاريخ، فالشرق ما زال يدفع ثمن طرده للصليبيين حتى اليوم». وينفي ياخور أن يكون هناك صراع أو حرب بين الدراما المصرية ووتلك السورية، إذ «هدفهما مشترك وهو تقديم المتعة وتجسيد الحالات المتنوعة إنسانياً واجتماعياً». لكنه يرى أن الدراما السورية تتميز بالتصاقها بالواقع والتعبير عن حالة المواطن. إضافة إلى أن الكاميرا في دمشق خرجت الى الهواء الطلق فلامست الطبيعة، «فيما لا تزال دراما القاهرة أسيرة بلاتوهات واستديوهات مغلقة». لذا، يؤكد أنّ «البديل» سيكون خطوة مصرية أولى نحو تحرير الكاميرا. في المقابل، يجد أن المشكلة التي تواجه الدراما العربية هي حصرها بموسم واحد سنوياً، «يمارس خلالها المشاهد سياحة كمية، لا تركيز فيها ولا استمتاع، بسبب كثافة الأعمال التي لا تأخذ حقها». ويؤكد على ضرورة تعبير هذه الدراما عن الشارع العربي، بعيداً من الافتراضيات الهزيلة التي لا تعكس الواقع. كذلك ينتقد منطق السوق الذي يقدّم الأعمال «الخفيفة» للمواطن المتعب، عبر تسطيح فكره والاستخفاف بعقله. ويؤمن في المقابل بأنّ المواطن المقموع أو المسحوق اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً سيلقى متنفساً عبر طرح مشاكله في الدراما. ويرى ياخور «أن هذا المواطن لا يرغب في الهرب من واقعه باللجوء إلى الدراما التافهة، إنما يتنفس الصعداء عندما يرى نفسه بطل هذه الحالة السوداوية التي تقدّم على الشاشة».
سؤالٌ أخير لا بدّ منه: ماذا عن مسلسل «خالد بن الوليد» الذي أثار حفيظة الإسلاميين من جهة، وأحدث خلافاً بينه وبين شركة الإنتاج التي قدّمت جزءه الثاني مع زميله سامر المصري، من جهة ثانية؟ يؤكد ياخور أنه رفض المشاركة في الجزء الثاني من المسلسل بسبب عدم اقتناعه بالسيناريو الذي «لم يضف شيئاً إلى الجزء الأول»، فضلاً عن عدم تلبية شركة الإنتاج لشرطه بتغيير الكاتب، «وعندما اعتذرت، أقاموا حملتهم عليّ». وهل تابع الجزء الثاني الذي عُرض في رمضان؟ يُجيب بحزم: «كلا»!