في الباحة الخارجيّة لـ «مسرح بابل»، يتنقل الزائر بين لوحات جبر علوان (١٩٤٨) التي أبصرت النور خصيصاً في هذا المكان، طوال الأشهر الثلاثة الماضية. ما الذي أتى بهذا الفنان العراقي البارز، إلى «سينما مارينيان»؟ ترك محترفه في روما حيث يقيم منذ ١٩٧٢، ولبّى دعوة جواد الأسدي إلى لقاء سريّ غامض مع الشاعر الأندلسي القتيل. لقاء ثلاثي يجمع المسرحي والرسام وندّهما البعيد.الكائنات طالعة من عالم فدريكو غارسيا لوركا، تركت هنا الجنائزيّة لتبحر في بهجة حسيّة لا تقلّ عنها قلقاً. فاضت قماشة علوان بالأحمر القاني، أحمر الرغبة المتأججة في الأعماق التي يشتغل عليها منذ سنوات. الجنس ضدّ الموت إذاً؟ إيروس ضد تاناتوس. هناك أيضاً الأزرق في بعض اللوحات. اللون (الضوء) المسرحي بامتياز، يغلف الخلفيّة، فيما امرأة حاسرة الفخذين جالسة إلى طاولة مقهى.
مشاهد ممسرحة فيها نساء غالباً، ورجل وحيد... عازف السكسو فون طبعاً، رسول الخطيئة وحامل نداء الحياة، سيعبر من هنا، ويفجّر على دربه براكين الشهوة المكبوتة. والنساء؟ أجساد محاصرة في قمقم التقاليد الصارمة، داخل دائرة الكبت والقهر والعنف واللوعة لدى الأسدي... أما عند جبر علوان فاحتفال بالنشوة والحياة!
كأن الصديقين الحميمين، يفترقان عند عالم لوركا، ليشكل كل منهما عالمه في الموقع النقيض للآخر. الفنانان العراقيين يعرفان جيّداً أن المتعة الحسية والحزن المديد، وجهان لحقيقة واحدة، هي الوجود.
بيار...