محمد عبد الرحمن
مهرجان القاهرة السينمائي يثير الاحتجاجات ورئيسه يتهرب من الصحافة. والحوار بين السينمائيين والجمهور إنقلب خناقات وتصفية حسابات... أمّا الشقيق الأصغر، أي مهرجان الإعلام، فحدّث ولا حرج! شتاء المهرجانات في القاهرة هل يمرّ على خير؟

بعدما تلقّفت الصحف المصرية طويلاً خبر نشوء خلافات بين وزارتي الثقافة والإعلام المصريتين، بسبب إقامة مهرجان القاهرة للإعلام العربي (28 ت2/ نوفمبر – 7 ك1/ ديسمبر) بالتزامن مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (2 - 6 ك1/ ديسمبر)، تحوّل الاهتمام اليوم إلى معرفة «أيّ مهرجان منهما سينتصر»، وخصوصاً أنّ البداية المتعثّرة لمهرجان السينما، شجّعت أهل التلفزيون على تقديم حفلة افتتاح ناجحة، نُقلت على معظم المحطات المصرية أرضياً وفضائياً. لكن جولة في الكواليس تكشف أنّ المهرجان الثاني وقع في أخطاء المهرجان الأول، على اعتبار أنّ إدارة كليهما باتت حكومية لا مستقلّة، وأن للرعاة الكلمة الأولى والأخيرة، هنا وهناك.
في مهرجان السينما، خرج النقاد ليقولوا بصوت عال إن شركة «مرسيدس بنز» ترعى مهرجان برلين منذ سنوات طويلة، لكنها تكتفي بإشارة خجولة تظهر مع انطلاق كل فيلم يعرض في المهرجان الألماني الشهير. أما في القاهرة، فقد طغى اسم الراعي نجيب ساويرس على كل شيء. ما دفع بالصحافيين إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر دار الأوبرا، ليلة افتتاح الدورة الـ31، معترضين على تحكّم رجل الأعمال المعروف في المهرجان، وانتقائه صحافيين معيّنين لمتابعة الفعاليات. وحمّل هؤلاء ساويرس، ورئيس المهرجان عزت أبو عوف، ونائبته سهير عبد القادر مسؤولية ما يحدث من فوضى. على رغم ذلك، لم تحاول إدارة المهرجان التعويض عن خسارة حفلة الافتتاح، لتؤكد أنّ الصحافيين يريدون «جنازة ويشبعوا فيها لطم»، كمّا صرحت بعض قياداتها، بل ازدادت الأمور سوءاً مع اختيار عزت أبو عوف أيضاً لصحافيين معيينين لمتابعة فعاليات خاصة، على عكس ما أشيع أن الممثل المصري قرّر الجلوس مع الصحافيين لمصالحتهم بعد أزمة الافتتاح. إلا أن ذلك لم يحدث، وبقي الغضب سيد الموقف. علماً أن الصحافيين سينظمون وقفة احتجاجية ثالثة اليوم، بالقرب من القاعة التي سيلتقي فيها رؤساء المهرجانات العربية، في اجتماعهم السنوي القاهري.
يضاف إلى ما سبق إلغاء عدد كبير من ندوات الأفلام، وتأخّر بدء عرض فيلم «التملّص» للممثل الأميركي المصري الأصل، عمر متولي، قرابة ساعة ونصف ساعة، ووقوع عطل تقني مفاجئ لدى عرض «خارج التغطية» لعبد اللطيف عبد الحميد الذي انتقد بدوره عدم دعوة المهرجان أبطال فيلمه، للمشاركة في الندوة.
ثم جاءت الضربة القاضية مع اكتشاف الصحافة مشاركة فيلمين في المسابقة الدولية بعد عرضهما جماهيرياً، وهما «عود الورد» من المغرب، و«بسم الله» من باكستان. الا أن المسؤول الفني يوسف شريف رزق، نفى مخالفة ذلك لشروط المهرجان، مؤكداً أنّ لجنة تحكيم المسابقة الدولية، ترفض الأفلام التي شاركت في مهرجانات عالمية. لكنّها لا تمانع في إدراج أعمال، عرضت في مهرجانات محلية أو في صالات عرض بلد الإنتاج. وذلك، لم يمنع الصحافيين المصريين من الاحتجاج لأنّ المهرجان يرفض مشاركة أفلام مصرية عرضت تجارياً في البلاد!
وسط كل هذه المشاكل، لم يقلل الخلاف بين الصحافيين وإدارة المهرجان من سخونة الندوات، وخصوصاً تلك المتعلّقة بالأفلام المصرية. إذ شهدت ندوة فيلم «ألوان السما السابعة» جدلاً حاداً حول دعوة الفيلم إلى الصوفية لمواجهة العولمة (راجع الأخبار، عدد الاثنين 3 ك1/ ديسمبر). فيما هاجم بعضهم مخرج الفيلم سعد هنداوي لأنه قدم فيلماً عن التطهّر من ماض غير مشرفّ، تدور أحداثه في شهر رمضان. فيما شهدت ندوة فيلم «على الهوا» تلاسناً بين المخرج والجمهور، بعدما اتّهم إيهاب لمعي رافضي العمل، بأنهم يصفّون حسابات شخصية معه. وتركزت الانتقادات على إفساد المخرج لفكرة الفيلم التي كتبها بنفسه، والتي تتحدث عن برنامج Real TV يرصد مليون جنيه، جائزة لمن يظل صامتاً عاماً كاملاً. وكان العرض الأول لفيلم «سكر بنات» مساء أمس، قد سجل حضوراً كثيفاً بسبب السمعة الطيبة التي سبقت الفيلم من جهة، وشعبية السينما اللبنانية والسورية لدى جمهور المهرجان من جهة ثانية.
اللافت أن ّالأفلام المصرية المشاركة في المهرجان لم تتفوق على الجدل المثار حول «هي فوضى» الذي يعرض تزامناً في الصالات المصرية. إذ أثار عمل يوسف شاهين الأخير ضجة صحافية وسياسية ورقابية غير معتادة. وجاء في صحف محسوبة على الحكومة أنّ الفيلم يدعو إلى الفوضى، ولا يحذّر منها. وقد نفى علي أبو شادي، رئيس الرقابة على المصنّفات الفنية، أن يكون قد حذف 80 ثانية من الفيلم بعد عرض خاص أقيم لرجال الشرطة، موضحاً أن الرقابة وجدت ضرورة في تخفيف مشهد الشجار بين وكيل النيابة وضابط الشرطة.
باختصار، مهرجان القاهرة السينمائي، لم يمرّ على خير. والجميع ينتظر حفلة الاختتام، بعدما وزعت إدارة المهرجان أمس، وبغزارة، الدعوات للصحافيين. أمّا إدارة المهرجان، فتتجنب الظهور في الندوات العامة، حتى عزت أبو عوف لم يتردد كثيراً إلى فندق «غراند حياة»، كما كان يفعل العام الماضي.