اعتاد الإسرائيليون الترويج لرسائلهم عبر وسائل الإعلام، ولطالما قامت الإذاعات بدور جوهري في ذلك، وخصوصاً في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. وبعدما دعمت الحكومة العبرية أثناء احتلالها جنوب لبنان إذاعة «صوت الجنوب»، ها هي «يديعوت أحرونوت» تفيد في عددها الصادر أمس، أنّ إسرائيل لم تغلق إذاعة «صوت الجنوب» بعد دحر الاحتلال هناك في أيار (مايو) 2000، بل نشّطت الإذاعة بطريقة مختلفة لترويج مآربها، وغيّرت اسمها إلى«المشرقية». وهي مخصصة اليوم لبثّ «البرامج إلى سكان جنوب لبنان»، إلا أنّ مذيعيها الستة اختفوا لاحقاً عن الأنظار، حسب «يديعوت أحرونوت».قصة الإذاعة معروفة: أنشأتها إسرائيل أثناء احتلالها جنوب لبنان، لمصلحة أفراد ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» وأبناء عائلاتهم. وكان يطلق عليها آنذاك «إذاعة صوت جنوب لبنان» وكانت تبثّ برامجها من منطقة الحدود الإسرائيلية اللبنانية. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أنّ الغزاة استخدموا «المشرقية» خلال عدوان تموز (يوليو)، ليعلنوا عبر أثيرها عن قصف قريب، سينفذه الجنود الإسرائيليون على مناطق الجنوب، مطالبين المواطنين بالنزوح من بيوتهم. كما نقلت «يديعوت أحرونوت» عن أحد عناصر «جيش لبنان الجنوبي» في إسرائيل، قوله إن الإذاعة «كانت تبثّ برامج سياسية، تحاور خلالها سياسيين إسرائيليين، أو برامج ضد الحكومة اللبنانية. فيما يحظر اليوم الحديث عن موضوع جيش لبنان الجنوبي».
وكانت الإذاعة قد بثّت أول من أمس برنامجاً حول أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان. وقال عنصر سابق من «جيش جنوب لبنان»، إن الإذاعة تقرأ أخباراً، بثّت في وسائل الإعلام اللبنانية قبل أيام عدة، «وحتى تحصل هذه الأخبار على المصادقة من السلطات الإسرائيلية، تصبح أخباراً قديمة». كما أكدت «يديعوت أحرونوت» أنّ عدد مستمعي هذه الإذاعة، التي يكتنف عملها الكثير من الغموض ويحافظ موظفوها على سرية تامة في العمل، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.