في دورتها السادسة عشرة التي أُقيمت أول من أمس في باريس، اختارت اللجنة التنظيمية لجائزة «مراسلون بلا حدود» ـــــ مؤسسة فرنسا، الإريتري سيوم تسيهاي «صحافي عام 2007»، وهو معتقل في «أفظع السجون الإريترية» منذ أيلول (سبتمبر) 2001. فيما خصّت محطة «صوت بورما الديموقراطي للإذاعة والتلفزيون» Democratic Voice of Burma بجائزة «وسيلة الإعلام»، نظراً إلى «صدقيتها العالية في تغطية الأزمة البورمية، بعد تظاهرات الرهبان البوذيين وموجات القمع التي تبعتها». فيما حصد العالم العربي جائزتين: اذ اختارت المنظمة، مرصد الحريات الصحافية العراقي عن فئة «المدافع عن حرية الصحافة». وذلك لـ«عمله الدؤوب في التنديد بأعمال العنف المرتكبة في حق العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي في بلاد الرافدين». ونال المدوّن المصري كريم عامر (23 عاماً) جائزة «المدون الإلكتروني»، بعدما حُكم عليه بالسجن أربعة أعوام، لإقدامه على انتقاد سياسة حسني مبارك والتنديد بسيطرة الإسلاميين على جامعات مصر. وقبل أشهر من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين في آب (أغسطس) 2008، منحت «مراسلون بلا حدود» جائزة خاصة إلى ناشطين صينيين في حقوق الإنسان، هما هو جيا وزانغ جينيان، المُلزمين بالإقامة الجبرية. وقد أشارت المنظمة إلى أن الثنائي الصيني «لا يعرف الاستسلام رغم كل الضغوط». ونقلت عنهما القول: «نخرجُ أحياناً إلى الشارع، مرتدين قمصاناً طبع عليها عبارات مثل «تحت الرقابة» أو «حرية التعبير»، فيجبرنا رجال الشرطة على العودة إلى المنزل». ويرى الصحافيان أنّ من واجب الحكومة الصينية، إجراء تغييرات عدة قبل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، ولا سيّما الإفراج عن سجناء الرأي. وسلّطت «مراسلون بلا حدود»، خلال حفلتها، الضوء على الحالة المزرية التي يعيشها تسيهاي، والوضع المأساوي الذي يشهده بلده الصغير من القرن الإفريقي. إذ لاقى أربعة صحافيين على الأقلّ حتفهم في إريتريا خلال السنوات الأخيرة، بسبب مواجهتهم نظام الرئيس إساياس أفوركي. كذلك أشارت إلى أن تسيهاي (54 عاماً)، بدأ مسيرته الصحافية عضواً في الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا. وبعد الاستقلال، ترأس إدارة محطة التلفزيون الوطني ثم الإذاعة قبل أن يكرّس نشاطه للصحافة التي تحمل لواء المطالب الديموقراطية، خصوصاً بعد الحرب الثانية مع إثيوبيا (1998 ـــــ 2000). وفي 21 أيلول (سبتمبر) 2001، أوقف في اليوم الأول من الحملات الهادفة إلى سجن الإصلاحيين الذين أعلنوا معارضتهم لنظام الرئيس. وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ على صحته، خصوصاً أننا «نجهل مكان اعتقاله. فهو لم يحظَ بفرصة تلقّي أي زيارة أو توكيل، كما لم يمثل أمام أي محكمة».
وحيّت المنظمة جهود محطة «صوت بورما الديموقراطي» التي تأسست عام 1992 على يد مجموعة من الطلاب الناجين من مجازر العام 1988، وهي تبثّ من النروج. وكانت من «وسائل الإعلام القليلة التي تمكّنت من إرسال صور عن أعمال القمع التي شهدتها تظاهرات الرهبان في أيلول (سبتمبر) المنصرم». أما بالنسبة إلى العالم العربي، فأضاءت المنظمة على «مرصد الحريات الصحافية» العراقي الذي بات اليوم من أبرز المصادر الموثوقة لإحصاء انتهاكات حرية الصحافة في العراق، فيما شدّدت على الواقع المرير الذي يعيشه كريم عامر.
يذكر أنّ جوائز «مراسلون بلا حدود» ـــــ مؤسسة فرنسا التي تهدف إلى تنبيه الرأي العام إلى ضرورة التحرّك في سبيل حماية حرية الصحافة، أنشئت عام 1992، وتبلغ قيمة كل منها 2500 يورو (حوالي 3600 دولار أميركي). وقد استعاد عدد من الفائزين حريتهم بعد وقت قليل من حصولهم على الجائزة، بينهم الصحافي المغربي علي لمرابط الذي حاز الجائزة في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2003، وأفرج عنه في 7 كانون الثاني (يناير) 2004. وتتولى لجنة دولية من 35 عضواً منح الجوائز بينهم: إكرام شينواري (أفغانستان)، سابين كريستيانسن (ألمانيا)، نعيم إسلام خان (بنغلادش)، ميشال الكيك (لبنان)، وعمر فاروق عثمان (الصومال)...