شهد لبنان منذ النصف الثاني من القرن الماضي نشاطاً موسيقياً مهماً، هو الأبرز في الشرق الاوسط، اذا تناولنا الحفلات التي قدّمتها عبر السنوات أسماءٌ صنعت الإرث الموسيقي العالمي. وينقسم هذا النشاط الى قسمين يفصل بينهما شلل شبه تام خلال الحرب الأهلية. قبل هذه الفترة، كانت الموسيقى الكلاسيكية والجاز والأغنية الفرنسية والمسرحيات الغنائية الراقصة تمثّل الجزء الأكبر من النشاطات الموسيقية. أما بعد الحرب، فقدانضمت إلى هذه الأنماط المذكورة، موسيقى الروك وموسيقى العالم والبوب الغربي والتيارات الحديثة التي تنامت في الغرب خلال السبعينيات والثمانينيات. شهدت موسيقى الجاز في هذا السياق أحداثاً لا نبالغ إن وصفناها بالتاريخية. نذكر مثلاً عملاق الجاز مايلز دايفس (1973) والأسطورة تشارلز مينغوس (1974) ضمن مهرجانات بعلبك الدولية. وبعد الحرب، أتى الى بعلبك موسيقيون عالميون أمثال أحمد جمال (2003) وجاكي ماكلين (2004) وغيرهم... فيما استضافت بيبلوس أسماء يقوم عليها عالم الجاز اليوم منها إريك تروفاز (2004) وثلاثي براد ملدو (2005) والاذربيجانية عزيزة مصطفى زاده (2005) وبرباره هندركس (2006)... أما مهرجانات بيت الدين فقد استضافت موسيقيين مقرّبين من عالم الجاز اذا جاز التعبير، مثل أنور براهم وأوتيه لامبر ونايجل كندي...
عام 2004 شهد نشاطاً إضافياً لموسيقى الجاز على شاطئ المارينا في منطقة «سان جورج» في بيروت، بعنوان «مهرجان بيروت للجاز 2004». جمع هذا الموعد بين الجاز وموسيقى العالم مع تانيا ماريا، وجون ماكلوفلن ترافقه فرقة هندية مع عازف الطبلة العالمي زاكير حسين، اضافة الى ثلاثي جاك لوسيه المعروف بتوليف مقطوعات من الموسيقى الكلاسيكية (لا سيما باخ) في اطار جازي، وعابد عازرية...