قدّمت فرقة «بسيطة» مساء أمس حفلة في مسرح مونو بعد ثمانية أشهر من حفلتها الأخيرة في الجامعة الأميركية في بيروت. اللافت في هذه الفرقة الشابة أنّها لا تعتمد تركيبةً ثابتةً من الموسيقيّين على غرار ما هو رائج عموماً. هي تتبنّى النموذج المرن الذي يتيح ـــــ من ناحية إيجابية ـــــ تعديل شكلها عبر اللقاء بموسيقيّين جُدد، وهو ما يتيح تطوير مادتها الموسيقية من حيث التوزيع. الا أنّ هذا الأمر يفرض ـــــ في ناحيته السلبية ـــــ اللجوء إلى توليفات مُبسَّطة إذا غاب هذا الموسيقي أو ذاك وتعذّر تأمين بديلٍ له. قصدنا الإشارة إلى هذه النقطة للإضاءة على تطوّر ملحوظ في هذا السياق طبع إطلالة الفرقة البارحة، علماً أنّها أحدثت تطوراً جوهرياً آخر يكمن في برنامجها الجديد. نبدأ بالشق المتعلق بتركيبة الفرقة التي دخلت إليها للمرة الأولى آلة نفخ (خشبية) هي الكلارينت، وقد استطاعت سدّ ثغرة شابت نشاطات «بسيطة» السابقة، خصوصاً أنّ مؤسِّس الفرقة والمشرف عليها ريان الهبر خصَّ ضيفه الجديد بجملٍ متمايزة وموفّقة داخل قالب التوزيع الموسيقي العام. كذلك أتاح وجود هذه الآلة أداء وظيفة النحاسيات الأساسية (أقله في الحدّ الأدنى) في بعض مقطوعات الفنّان زياد الرحباني التي تستعيدها الفرقة، خصوصاً في «أبو علي».
أما التطوّر الأهم فأتى في برنامج «بسيطة» الموسيقي الذي أصبح معظمه خاصاً بالفرقة (مقطوعة موسيقية وأغنيات من تأليف ريان الهبر نصاً وموسيقى) بعدما كانت نواته تقوم أساساً على كلاسيكيات خالد الهبر وزياد الرحباني وأخرى من الريبرتوار العالمي.
«لين»، «يا هَنا»، «قلتيلي حِبّ»، «ما تقلّي ضلّ»، «تعا قلَّك»، «جايي بآخر هالزمان» أغنيات خاصة بالفرقة بدأ الجمهور يتآلف مع كلامها ولحنها. علماً أنّ ثمّة جديداً في التوزيع الموسيقي جاء أكثر نضجاً رغم البداهة والركاكة هنا وهناك (تصحّ الملاحظة أيضاً على بعض الجمل اللحنية) اللتين تستطيع الخبرة معالجتهما في ظلّ موهبة فنّية استثنائية واضحة عند الهبر. لكنّ هذه الموهبة ما زالت قيد التحصين الأكاديمي الذي قد يكون أصلاً في هذه المرحلة، سبّب بعض انعكاساتها الناشفة.
«بحسّك أوقات»، «يا أهل السهر»، «حاكيني» ثلاث أغنيات جديدة للفرقة، تتناول الوطن والمجتمع وإشكالية العلاقة بين الجنسَين كما في الأغنيات السابقة، ضمن قالب ساخر، مباشر وذكي. ومن أعمال خالد الهبر، قدّمت الفرقة «العلم»، «مع الوقت بتنسى»، «إلى جمال» و«مع إنو راح»، إضافة إلى «أبو علي» و«أمرك سيدنا» لزياد الرحباني. وضمّت «بسيطة» إلى ريان الهبر (بيانو) عثمان عيّاد (عود)، غسان سحّاب (قانون)، يوسف الخال (كلارينت)، سلمان بعلبكي ورزق قسطنطين (إيقاعات شرقية) رالف شويري (درامز)، جوليو عيد (باص) والكورس في أداء جماعي أو منفرد لكل أعضائه (زينب زهرالدين، لما أبو علي، سامي شمص وعلي صفوان).