حسين بن حمزة
بيروت ● معرض الكتاب العربي الدولي 51

كل سنة، ينبعث النقاش حول معرض بيروت للكتاب الذي تنطلق اليوم دورته الـ٥١، وكل سنة نتفق على أنّ مجرّد تنظيمه «رهان رابح». لكنّ إنجازات الماضي لم تعد كافية، ولا بد من إعادة النظر بطبيعة التظاهرة وإضافاتها. إن المعارض تطورت كثيراً في المنطقة، حتى بات الكلام عن «عاصمة النشر العربي» في حاجة إلى مراجعة وتدقيق



في الآونة الأخيرة، بات كل شيء مؤجلاً في لبنان، في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. أما الدورة الحادية والخمسون من «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب»، فتشذّ عن تلك القاعدة... مع أن الظروف السياسية التي أدت إلى تأجيل الدورة الماضية شهوراً عدّة، ما زالت على حالها، لكي لا نقول ازدادت سوءاً! معرض كتاب بيروت سيقام في موعده إذاً، أي أنّه يفتتح هذا المساء، ويستمرّ حتى 27 كانون الأول (ديسمبر)، بمشاركة 156 داراً لبنانية و23 داراً عربية.
ويبدو أن القيّمين على «النادي الثقافي العربي» الذي ينظّم المهرجان مع «اتحاد الناشرين»، اكتشفوا من تجربته السابقة أن التأجيل ليس فكرة سديدة. وها هم يستبدلون حذرهم السابق بتفاؤل شبه مشروع، معتمدين على إقبال الناس في الدورة السابقة رغم الظروف الصعبة، إضافة إلى تراجع نسبة الاحتقان والتوتر التي توحي بأنّ الأمور تحت السيطرة، وأن المعرض سيكون في أمان.
هذا ما يؤكده مدير المعرض عدنان حمود: «أبقينا المعرض في موعده لأن الدورة الماضية التي أقيمت متأخرة، في ظروف مأزومة، كانت مشجعة. والظروف الحالية أفضل بكثير من التي رافقت المعرض السابق. لقد تأقلم اللبنانيون مع الأوضاع، وشبعوا سياسة وتوترات. ونحن نأمل أن يكون المعرض بمثابة متنفس لهم، وأن يجمع الكتاب ما تُفرقه السياسة».
الناشرون الذين التقيناهم يؤيدون فكرة الحفاظ على توقيت المعرض. رنا إدريس (دار الآداب) ترى أنّ نقابة الناشرين اتخذت القرار الصائب في عدم ربط المعرض بالظروف السياسية... ألم يكن المعرض يُقام في موعده الثابت حتى في سنوات الحرب؟ ويشاركها حسن ياغي (المركز الثقافي العربي) الرأي، مشيراً إلى أنّ الناس سيأتون إلى المعرض إذا بقيت الأجواء السياسية على حال التفاؤل السائدة.
أمّا حسن فوعاني (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، فيرى «أن المراهنة على المعرض باتت غير مجدية... ليس فقط بسبب الظروف العامة للبلد والمنطقة. الناشرون يشاركون على مضض كي لا يدعوا الفرصة تفوتهم، لكنّه حضور تقليدي، ولا مجال للحديث عن سوق كتاب أو أرباح. إذا بعنا بكلفة ما أنفقناه سيكون ذلك جيداً».
ويؤكد رياض نجيب الريس (دار الريس)، بدوره أنّ سوق الكتاب الفعلية باتت خارج معرض بيروت: «نحن لا نعتمد على البيع في بيروت. في ما مضى، كانت أهمية بيروت أنّ أصحاب المكتبات العربية يأتون إليها للتبضّع من الإصدارات الجديدة، وذلك خلال المعرض. هؤلاء صاروا يذهبون إلى معارض عربية أخرى. أخشى كلّ الخشية أن يتراجع دور بيروت أكثر بسبب أزماتها المتفاقمة».
الواقع أنّ ربط نجاح المعرض بمجرد إقامته، لا يُعفي من طرح بعض الأسئلة التي باتت ملحّة، وذلك في ضوء مراوحة هذه التظاهرة في مكانها، مقارنة بمعارض الكتب العربية التي تطورت كثيراً، حتى بات تخصيص الحديث عن بيروت ودورها كعاصمة للنشر العربي يحتاج إلى مراجعة وتدقيق.
سوق الكتاب العربية تؤكد أنّ بيروت لم تعد في الصدارة أو أنّها ليست وحدها على الأقل. بالطبع، ما زال معرض بيروت يحتفظ بالشهرة والصيت، كأقدم معرض عربي للكتاب، وما زال لاسم بيروت ذلك البريق الريادي.
لكن النوم على حرير هذه الأمجاد لم يعد كافياً. الصيغة التي يُقام المعرض على أساسها باتت تتطلّب تطويراً ومبادرات تجديدية. صفة «العربي والدولي» تحتاج إلى تأكيد فعلي. لا بدّ من أن يشهد المعرض، حضوراً حقيقياً للناشرين العرب، إذ يكتفون حالياً بعرض إصداراتهم التي توزعها دور نشر أو شركات لبنانيّة.
وهنا يمكن البحث عن علاقة مباشرة بين غياب هؤلاء الناشرين العرب، وغياب المثقفين والكتّاب العرب! إن نظرة متمعنة في برنامج النشاطات الموازية للمعرض، تظهر أن معرض بيروت بات «أهلية بمحلية» بحسب المثل الدارج. باستثناء أمسية شاعر العامية المصري عبد الرحمن الأبنودي وتكريم شفيق الحوت (المقيم في بيروت على أي حال)، لا نجد أي فعالية عربية في المعرض.
أمّا المشاركات الدولية فلا تتعدى النشاط التقليدي الاعتيادي للمراكز الثقافية التابعة لسفارات ثلاث أو أربع دول. ولا نعرف إن كان هذا يكفي لإطلاق صفتي «العربي» و«الدولي» على المعرض. أضف الى ذلك أنّ برنامج المعرض مخصص لقضايا ونشاطات إما مفرطة في لبنانيتها... وإما لا علاقة لها بالأدب والكتابة الإبداعية.
في هذا السياق، يمكن فهم إقرار حسن ياغي بأنّ معرض بيروت هو نوع من التظاهرة الاحتفالية... أكثر من كونه رهاناً على معرفة مستوى القراءة ونسبة الإقبال وحجم المبيعات.
ويذهب ياغي أبعد من ذلك حين يشير إلى أن «المعرض لم يعد في قلب المدينة، بل على هامش من هوامشها». ويسارع إلى التوضيح أنّ الهامشيّة هنا لا تعكس بعداً جغرافيّاً، بل ثقافياً واجتماعياً. «النخب الثقافية العربية تُبدي اهتماماً أكبر بالكتاب، وخصوصاً الإصدارات النظرية والفلسفية والفكرية. هنا نكاد نبيع روايات فقط. وما يثار عندنا هامشي، مقارنة بمصر والمغرب وحتى السعودية».
ويضيف ياغي: «مشاركة معظم الناشرين في المعرض تقليدية عموماً، فهم يعرفون جيداً أن حركة المبيعات أنشط في المعارض العربية. بالنسبة إلينا، نسبة البيع في معرض بيروت لا تتجاوز إثنين في المئة من مبيعاتنا السنوية في المعارض العربية، وأظن أن هذه حال معظم الناشرين اللبنانيين».
ويورد ياغي كتاب «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي» لميشال فوكو، مثالاً على تدني نسبة المبيعات وضآلة رواج الكتب المهمة: «تصور أنّنا بعنا منه 30 نسخة في معرض بيروت و125 نسخة في معرض الرياض. هذا يعطي مؤشراً إلى مشكلة في نوعية القراءة، وهو ما لا تكشف عنه أرقام المبيعات
بدقة».
من جهته، يقول رياض الريس: «المعرض يُقام بطريقة عكاظية: تواقيع، لقاءات. إنه أشبه ببقعة ضوء في بلد أعتمته التوترات السياسية. التمايز بين ناشر وآخر يكمن في نوعية الإصدارات. ونحن نشارك بعشرين عنواناً جديداً هذا العام»...لافتاً إلى أنّ النشاطات الموازية للمعرض ضعيفة ولا تليق بتاريخ المعرض، داعياً النادي الثقافي العربي إلى طرح اقتراحات مبتكرة في هذا المجال.
وردّاً على سؤال حول إمكان تغيير الصيغة التي يُقام بها المعرض، تقول رنا ادريس: «لا داعي للتشبه ببعض المعارض الأجنبية التي تُعقد فيها اتفاقات بين الناشرين والكتاب. هذه الاتفاقات يمكن إجراؤها خارج وقت المعرض. إن وجود الجمهور هو الأساس. كناشرين يمنحنا المعرض فرصة الاحتكاك المباشر مع القراء. آراؤهم وردود أفعالهم تعطينا أفكاراً جديدة».
وتضيف إدريس: «نركز في «دار الآداب» على الرواية. لدينا أربع روايات لكتّاب سوريين من جيل ما بعد حنا مينة، إضافة إلى روايات وكتب جديدة لكتّاب من مصر وتونس والسعودية والسودان».
«المؤسسة العربية»، هي، اختارت التركيز على الشعر، يوضح فوعاني، (سلسلة الأعمال الكاملة) والرواية (الخليجية خصوصاً). وفي المركز الثقافي العربي تستمر ترجمة أعمال الروائي الياباني هاروكي موراكامي، فتصدر روايتين خلال المعرض.
ويبقى السؤال قائماً حول مكانة معرض بيروت وأهميته. صحيح أنّ مجرد إقامته يأخذ معظم جهد منظميه والمشاركين فيه بسبب الظروف الاستثنائية التي رافقته في السنوات الأخيرة. ولعل إقامته وحدها أشبه بمعجزة. ولكن هل يعفي ذلك من الانكباب جديّاً على تراجع دور بيروت كعاصمة للنشر العربي؟



تواقيع كتب


• شادي أبو عيسى «رؤساء الجمهورية اللبنانية» (شركة المطبوعات): الجمعة 14 ك1/ ديسمبر ـ 6 مساءً.

• إلهام منصور «الصفحة الثانية» (الريس): الجمعة 14، 6 ـ 9 مساءً.

• سماح إدريس «عالم يسع الجميع» (الآداب): السبت 15، 4:30 ـ 6:30 مساءً.

• فواز طرابلسي «تاريخ لبنان الحديث» (الريس): السبت 15، 6 ـ 9 مساءً.

• سليم الحص «في زمن الشدائد لبنانياً وعربياً» (شركة المطبوعات): الاثنين 17، 6 مساءً.

• غسان شربل «لعنة القصر» (الريس): الاثنين 17، 6 ـ 9 مساءً.

• جواد الأسدي «المسرح جنّتي» (الآداب): الاثنين 17، 6 ـ 8 مساءً.

• زينب عسّاف «بواب الذاكرة الفظ» (النهضة): الثلاثاء 18، 5 مساءً

• نازك يارد «هيا تقدّمي هذه أنت» (الساقي): الثلاثاء 18، 5 ـ 8 مساءً.

• عبيدو باشا «هُم» (الآداب): الثلاثاء 18، 5 ـ 8 مساءً.

• اسكندر حبش «الذين غادروا» (النهضة): الاربعاء 19، 5 مساءً

• عرفان نظام الدين «ذكريات وأسرار ــــ 40 عاماً في السياسة» (الساقي): الأربعاء 19، 6 ـ 8 مساءً.

• يحيى جابر «للراشدين فقط» (الريس): الأربعاء 19، 6 ـ 9 مساءً.

• نصري الصايغ «إني أعتذر» (الريس): الخميس 20، 6 ـ 9 مساءً.

• عبده وازن، «حياة معطّلة» (النهضة): الجمعة 21، 5 مساءً

• مايا واكد «مقفلة بداعي السفر» (الساقي): الجمعة 21، 6 ـ 8 مساءً.

• طارق ناصر الدين «قصائد ضاحكة» (الريس): الجمعة 21، 6 ـ 9 مساءً.




مفكّرة المعرض

• ليلى عسيران: ندوة تكريمية في ذكرى رحيلها الأولى، يشارك فيها رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان، إملي نصر الله، نازك يارد. وتديرها نرمين الخنسا.
الجمعة 14 ك1، 6 مساءًَ

• حين انطفأت الشاعرة العراقيّة قبل أشهر في عمّان عن 84 عاماً، كان اسمها سبقها إلى كتب التاريخ... هي التي فتحت الطريق أمام مغامرة الشعر العربي الحديث،. بعنوان «تكريم ذكرى نازك الملائكة الشاعرة المجددة»، تقام ندوة يشارك فيها ميشال جحا ومنيف موسى ووجيه فانوس، ويقدّمها لامع الحرّ.
السبت 15 ك1 ـ 6 مساءً.

• شفيق الحوت: ندوة تكريمية يشارك فيها نقيب الصحافة محمد بعلبكي وأنيس صايغ، صلاح دباغ ويديرها سامي مشاقة.
الأحد 16 ك1 ـ 6 مساءً.

• سمير قصير: ندوة عن كتابه «حرب لبنان» يشارك فيها رئيس مجلس إدارة «النهار» غسان تويني والنائب سمير فرنجية.
الأحد 16 ك1 ـ 7:30 مساءً.

• أمسية شعرية لأشهر شعراء العامية في مصر عبد الرحمن الأبنودي
الاثنين 17 ك1 ـ 6 مساءً.

• «المئوية الأولى على ولادة الرئيس تقي الدين الصلح» هو عنوان الندوة التي يشارك فيها كل من محمد بعلبكي والوزير السابق إدمون رزق ورغيد الصلح والعميد الركن هشام جابر والمحامي سليمان تقي الدين. ويقدّمها الدكتور جيل ملك.
الثلاثاء 18 ك1 ـ 6 مساءً.

• الذكرى العاشرة لرحيله على الأبواب. نزار قبّاني جعل من القصيدة خبزاً يومياً للناس. «النادي الثقافي العربي» يستبق الموعد، من خلال أمسية بعنوان «الذكرى العاشرة على رحيل الشاعر نزار قباني»، تتخللها قراءات شعرية لصاحب «خبر وحشيش وقمر» تلقيها ورد الخال، جهاد الأطرش والشاعر شوقي بزيع بمرافقة موسيقية على البيانو لـإحسان المنذر. يشرف على الأمسية المسرحي والكاتب غازي قهوجي، وتقدّمها نرمين الخنسا.
السبت 22 ك1 ـ 6 مساءً.

• «الإصلاح السياسي في لبنان: ضخامة الحاجة وهزال الإرادة» هو عنوان المحاضرة التي يلقيها المفكّر اللبناني أحمد بيضون ويقدّمه عمر فاضل، رئيس النادي الثقافي العربي. بيضون يتميّز باهتمام شديد الخصوصية بالشأن السياسي، وإسهاماته في هذا المجال، بينها «ما علمتم وذقتم» كتابه الشهير عن الحرب اللبنانية.
الاثنين 24 ك1 ـ 6 مساءً.