رام الله ــ يوسف الشايب
يتناول «مغارة ماريا» للفلسطينية بثينة خوري الذي حاز جائزة المهر الفضّية للأفلام الوثائقيّة في مهرجان دبي السينمائي أول من أمس، ظاهرة «جرائم الشرف» في الأراضي الفلسطينية التي لم يتمّ تناولها بشكل مكثّف قبلاً. يبدأ الشريط بسرد حكاية ماريا على لسان عجائز بلدة الطيبة، قرب رام الله، التي كانت مسرحاً لهذه الحكاية الذي وقعت عام 1936. وقد شهدت أخيراً أحداثاً مشتعلة بعد اتهام أحد أبنائها المسيحيين بإقامة علاقة مع مسلمة، تعمل في مشغل خياطة تابع لأسرته وقد قُتلت مسمومةً.
حكاية ماريا تتلخّص في أنّ ابنة بلدة دير دبوان، كانت مرةً تقدّم الطعام إلى أحد الرعاة العاملين لدى عائلتها، وهو الذي دعاها إلى امتطاء جواده خلفه، بعدما اشتد المطر. وما إن بلغت حارتها حتى راح الجميع يتّهمها بممارسة الرذيلة. فما كان من أقاربها، إلا أن أرسلوها إلى الطيبة، حيث كانت تنتظرها مجموعة ثوار أطلقوا عليها النار على رغم براءتها، بالاتفاق مع أسرتها على اعتبار أنّهم (الثوار) يملكون السلاح دون غيرهم، في ذلك الوقت. ودفنت في «الخضر» المكان المقدّس في البلدة حيث يبكي سكّانها ذويهم الراحلين.
ومن حكاية ماريا، تعرّج خوري إلى حكاية مهدي ابن الطيبة الذي ثبتت براءته من تهمة إقامة علاقة مع المسلمة التي قُتلت مسمومةً. لكن هذا جرى بعدما أحرق أقاربها مشغل الخياطة ومنزله ومنازل عديدة تعود إلى أقاربه. تفاصيل الحكاية الثانية أظهرت ضعف الأجهزة الأمنية إزاء التعاطي مع قضايا مماثلة بسبب صعوبة التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو السطوة الكبيرة التي لا يزال يتمتع بها القانون العشائري. كما يظهر تواطؤ شريحة كبيرة من المجتمع بمَن فيها أفراد الشرطة مع مرتكِب جريمة الشرف واعتباره بطلاً.
أمّا الحكاية الثالثة، فسلّطت الضوء على قصّة فتاة، أجهز عليها شقيقها بالطعنات، لكنها لم تمت. فيما أعرب شقيقها عن ندمه، متحدثاً عن تهكّمات الناس ودورهم في دفعه للقيام بنحر شقيقته البريئة. أما عبير التي أعدّت أغنية خاصة عن جرائم الشرف لدى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فكان يُفترض أن تغني مع فرقة «دام» للراب. إلا أن تهديدها بالقتل حال دون تحقيق حلمها. فالمرأة في بلادنا معرضة للموت، سواء بحجة فقدان عذريتها، أو بحجّة الغناء، أو ربما لسبب آخر.