strong>رانيا بو ناصيف مفرّج
تحتجّ سارة على الإجراء الذي اتُّخِذَ في حق الموظفين في الشركة حيث تعمل، وقد طاولهم جميعاً دون استثناء. وينضم إلى سارة في شكواها عدد كبير من الموظفين في شركات أخرى في لبنان. المفارقة أن الإجراء الذي أثار حفيظة الجميع ليس اقتطاعاً من الرواتب، ولا صرفاً تعسفياً... المسألة تتعلق فقط بحظر الدخول إلى موقع الـ«فايس بوك» في أماكن العمل. حجّة ربّ العمل واضحة: موقع الـ«فايس بوك» مثل غيره من المواقع المشابهة، «يشكّل مصدر لهو وإضاعة لوقتٍ يُفترض أن يُخصص للعمل». بل إنه وبحسب أحد مديري المصارف المحلية، قد يُصبح «مصدراً لنشر بيانات سرية ووسيلة لجمع المعلومات عن المشتركين واستخدامها لغايات مبيّتة. ناهيك عن أن تحميل الصور إلى صفحاته يبطئ من سرعة اتصال الشبكة ويعوّق العمل في بعض الأقسام».
وكانت إحدى الدراسات التي شملت مجموعة من الشركات ذات الاختصاصات المتنوعة لفتت إلى أن أكثر من ثلثي أصحاب العمل يمنعون نهائياً الدخول إلى موقع الـ«فايس بوك» أو يضعون قوانين صارمة لذلك. حتى أن بعض الشركات ذهب إلى حدّ إبلاغ موظفيه بأن الدخول إلى هذا الموقع في شكل مباشر أو غير مباشر هو انتهاك يُحاسبون عليه. هكذا، وعلى غرار انتشار عملية الـ«Facebooking»، أصبح هناك اليوم ما يُعرف بالـ«Faceblocking»، للدلالة على عملية حجب هذا الموقع عن الموظفين.
ويفيد بعض المطّلعين في مجال التسويق أن الـ«فايس بوك» أصبح أداة ترويج مهمة لدى عدد كبير من الشركات المحلية. فالموقع يُستخدم اليوم للتعريف مجاناً بنشاط الشركة أو بالأحداث المهمة التي تنظمها. حتى أن بعض الشركات ذهب إلى حدّ زيارة صفحات بعض المتقدمين إلى العمل لديه للاطّلاع أكثر على شخصيتهم واهتماماتهم.
وإذ يصف الموظفون إجراء حظر الدخول إلى موقع الـ«فايس بوك» ومنع استخدام خدمات معينة مثل خدمات التحادث الفوري، بـ«سوء الفهم والتقدير»، يؤكدون أن من يحجبون هذه المواقع لا يدركون أن التواصل مع الغير في عالم أصبح رغماً عن الجميع، متشابكاً ومترابطاً إلى أقصى الحدود.
واللافت أن التقنيين الذين تكفّلوا حجب بعض المواقع يقرّون أن ثمة عدداً كبيراً من المواقع التي تتيح للمستخدم التحايل على هذه الإجراءات والدخول إلى المواقع الممنوعة من خلال مواقع أخرى مثل: youhide و pimpyourip وغيرها. ويقول أحد المسؤولين عن القسم التقني في أحد المصارف إنه «كلما تّم منع أحدها اكتشف الموظفون موقعاً آخر حتى بتنا في ما يشبه الكرّ والفرّ».
وبين فئة تصرّ على الإمساك بزمام الأمور عبر فرض إجراءات مراقبة ومنع، وفئة تنادي بضرورة البقاء على اتصال مع تشجيع الرقابة الذاتية، يحتدم الجدل أحياناً من دون وصول الطرفين إلى نتائج مقنعة. من هنا نخلص إلى ضرورة تعديل الشركات لسياستها الداخلية بشكل لا يجعل فلكها الافتراضي مفتوحاً ومتاحاً لشتى أنواع الممارسات، بل لحاجات الشركة وللضرورات التي يفرضها التطور. هكذا يعلم كل موظف ما هي حدود المسموح من دون أن يشعر أنه غير جدير بالثقة.