فاطمة داوود
يحتفي هذا العام بمرور 40 سنة على تأسيس داره التي كرّست ثقافة البذخ في هوليوود، وجعلته مثار جدل متواصل... رالف لورين لم يكتفِ بإنجازات العقود الماضية، بل أطلق أخيراً كتاباً عن أسرار النجاح، ويغزو الشهر المقبل عاصمة الأناقة، باريس

لم يكن 2007 عادياً بالنسبة إلى رالف لورين... في هذا العام، احتفى المصمّم الأميركي بمرور 40 سنة على تأسيس داره التي كرّست ثقافة الترف والبذخ في عاصمة الفن السابع، وجعلت صاحبه مثار جدل متواصل. وفي هذه المناسبة، أقام لورين قبل شهر تقريباً حفلة ضخمة، حضرتها زمرة من مشاهير هوليوود. وطغت مظاهر البذخ على الحفلة التي ترددّ أن كلفتها تجاوزت 10 ملايين دولار، واستغرق تنظيمها ستة أشهر.
ولكن، ألا يستحقّ لورين كل هذه الحفاوة؟ طبعاً، فأميركا، لم تحقق الفرادة في عالم الموضة، إلّا من خلال عدد قليل من المصمّمين الذين أعادوا دمج بعض الخطوط الكلاسيكية للملابس اليومية، وفي مقدمتهم رالف لورين. قماش الـ«تويد» الذي يصنع منه بذلات بقصّات مريحة، وأقمشة الـ«بوبلين» الثنائية اللون لقمصانه مزخرفة المعصم، والياقات البيضاء، والجلد الناعم الممسوح، والجينز المستعمل، وسترات الكشمير الناعمة، وربطات العنق المقلّمة... كل هذه الخطوط طبعت أسلوبه لملابس الرجال، حتى نال جائزة أفضل مصمم لأزياء الرجال لعام 2007، بشهادة زملائه مايكل كورس ودونّا كارين ودايان فون فورتنسبورغ. كذلك جاءت مجموعة الملابس النسائية متميزة بنفحات التصميم ذاتها، فبرز الطقم النسائي المصنوع من قماش «التويد»، مع قصّات مستقيمة. أسلوب رعاة البقر (كاوبوي)، مثّل أيضاً جزءاً أساسياً من قواعد التصميم لدى رالف لورين. وإن كان ذلك قد جاء بعد سنوات من العمل لابتكار أشكال جديدة لتصاميمه، تخطّت المسار التاريخي لمهنته التي بدأت عام 1967 مع ربطات العنق العريضة والملونة، مستوحياً من الـ«بولو» (لعبة الأثرياء) شعاراً له. وتلتها مجموعات للشباب والشابات والأثاث المنزلي عام 1983.
وفي مجموعة خريف وشتاء 2008 للسيدات، أثبت لورين من جديد أنه وفيّ لأسلوبه. إذ ضمّت التشكيلة أنواعاً متعددةّ من طقم الـ«تويد» والكشمير، مع غياب شبه تامّ للسراويل. وحضرت القبعات، والمعاطف الناعمة، وتمايلت العارضات بجاكيتات من «التويد». كما شعّت ألوان الذهب المتآلف مع الأسود. فيما فاحت رائحة الشوكولاته من ألوان البني المتدرّجة، وسجلت الفساتين الطويلة تألّقاً عبر ألوان الأسود والبنيّ والذهبي.
هذا ليس كل شيء: فمجموعة ربيع وصيف 2008، مثّلت حدثاً هوليوودياً، ليس بسبب حضور روبيرت دي نيرو وداستن هوفمان وجيسيكا باركر في عرض نيويورك فحسب. إنما استوحى لورين من الفيلم الشهير My Fair Lady تصاميم، أعادت الحضور إلى ثلاثينيات القرن الماضي. هكذا، استعان بالـ«موسلين» المطبّع بالورود والمنقّط، والـ«كريب جورجيت»، والـ «غيبور»، والـ«ساتان» والـ«تول»، والـ «تفتا»، وقصّات الـ«درابيه». إضافة إلى ألوان «التوركواز»، والأصفر، والأخضر، والأحمر، والأبيض والبنفسجي، وتآلف بين الأبيض والأسود. ولم ينسَ إدراج ربطة العنق على صدور النساء، تأكيداً على إخلاصه لما سببّ شهرته العالمية.
لورين الذي يؤمن بالتفرّد سراً للنجاح، تحوّل من مسؤول مبيعات في أحد المتاجر الكبرى الى رائد الموضة الأميركية في العصر الحديث. هو رالف ليفسكيتز الذي بدّل مع شقيقه الأكبر جيري، اسم عائلتهما إلى لورين، عند بلوغ رالف الـ16 عاماً. بدأ مسيرته متسلّحاً بالعزيمة، واقترض من أحد المصارف 50 ألف دولار أميركي، ليشتري ماركة «بولو» العالمية، ويقدّم أزياء متميزة للرجال، قبل أن يطلق مجموعة النساء عام 1971. أمّا اليوم، فتشمل علامته التجارية أزياء الـ«هوت كوتور»، وملابس الرياضة والأكسسوارات والعطور. وقد وقّع اسمه على ماركات Purple Label، وJeans، و2RL، وRugby، علماً أنّ ميزانية مشاريعه فاقت 900 مليون دولار أميركي. وكي لا يبقى بعيداً عن عاصمة الموضة: باريس، ستشهد هذه المدينة الساحرة تدشين محل رئيسي في شارع مونتين الراقي عام 2008. وسيأتي هذا الفرع استكمالاً لسلسلة بدأت منذ أربعة عقود خلت، انطلقت من نيويورك، وجالت بين لندن وميلانو وموسكو.
أمّا لمن يودّ اكتشاف أسرار نجاح هذا المصمم العبقري، فيمكنه الاطّلاع على كتاب Ralph Lauren الصادر عن دار «ريزولي». وفيه، يفتح أبواب عالمه الشخصي ليتحدث عن تطوره المهني وفلسفته كمصمّم وشغفه بالموضة والسيارات، إضافة إلى حضوره الطاغي في أفلام هوليوود، والجوائز التي حصدها من مجلس مصمّمي الأزياء في أميركا CFDA.



غاليانو & ديزل للأطفال أيضاً

لم يكتف المصمم البريطاني جان غاليانو بإحداث الضجة في عالمي الموضة الرجالية والنسائية، عبر تميّزه بالجنون في تصاميم دار «كريستيان ديور». فهو يستعد لإطلاق حدث فريد من نوعه، بالاشتراك مع دار «ديزل» الإنكليزية، رغم تفاوت المستوى بينهما. والمفاجأة ليست سوى إصدار مجموعة الملابس الجاهزة الخاصّة بالأولاد، في حفلة ضخمة ستنظّم خلال الشهر المقبل، على أن يكشف النقاب عن المجموعة كاملة في أيلول (سبتمبر) 2008. وذلك بعدما وقّع الطرفان عقد شراكة لمدة خمس سنوات، يتولّى فيها غاليانو ناحية الإبداع الفني، فيما تتحمّل دار «ديزل» مهمتي الإنتاج والتوزيع حول العالم.
المجموعة ستحمل عنوان Les Jardins D’Avron، وستضم مئات التصاميم الملوّنة للفتيات والصبيان من 4 إلى 14 سنة. لكنها بالطبع، لن تحمل أياً من نفحات مجموعة «بيبي ديور» الكلاسيكية التي أطلقها المصمم مارك بوهان عام 1967، حين كان قائداً لدار «كريستيان ديور».
اليوم، سيحاول غاليانو، صاحب الأسلوب الجامح نحو الغرابة، التخفيف قليلاً من جنونه، وذلك، حتى يتمكّن الأولاد من اختيار ملابس مناسبة لهم. ورغم أنّ ملامح هذه الخطوط، لم تتّضح بعد حتى بالنسبة إلى رنزو روسّو، المدير العام لدار «ديزل»، يجزم متابعو الموضة أن هذه المجموعة ستحمل مفاجآت عدة، أقلّها تقديم رؤية مختلفة عن تصاميم الأولاد الموقّعة بأسماء دولتشيه أند غابانا وكافاللي، وجورجيو آرماني، وشرّوتي، ومارك جيكوبس.
ومن يتابع خطوط الموضة في الأسواق العربية والعالمية، يلحظ أن موضة الصغار هذا الموسم، عكست الرؤية المعتمدة في صروح الأزياء العالمية للرجال والنساء، من روبيرتو كافالي إلى شيرّوتي وميسّوني
هكذا، اختفت أشكال عدة من اتجاهات الموضة لعالم الأولاد، فغاب الجينز تقريباً، كذلك السراويل الواسعة ذات الجيوب العسكرية. واستبدلت بسراويل مستقيمة ورصينة للصبيان، واعتماد أقمشة المخمل والترتار للفتيات. ولمحة سريعة على مجموعات ميسوني، وكلوي، وألبيرتا فيريتي، وأرماني، وكافالي وتاكا ناكا و«مس غرانت»، تكفي للقول إن أزياء الأطفال هي نسخ مصغّرة من تشكيلات الأمهات والآباء، سواء في ما يتعلق بالتصاميم أو الألوان أو الأقمشة.
وبالنسبة إلى الشباب، برز اتجاه قوي نحو موضة «الريترو» العائدة لحقبة الخمسينيات من القرن الماضي. إذ مُزج بين الكلاسيكي والـ«سبور». وتميّزت السراويل بأقمشة عملية اقترنت بقمصان كلاسيكية، أغلبها أبيض وأزرق، مع ربطات عنق جريئة. أما بالنسبة إلى الفتيات، فبرز الفستان من دون خصر، والطقم المؤلف من جاكيت مفصّلة تضيق عند الخصر ثم تتسع فوق تنورة مكسّرة عرضياً. وهذه تتسع بدورها تدريجاً، لتُظهر الجوارب المنقوشة والأحذية العالية التي وصلت غالباً حدّ الركبتين.
أما الجينز ـــــ وإن سجّل تراجعاً كبيراً في مجموعات الصغار ـــــ فحضر بحياء شديد لدى بعض المصممين. وظهرت أيضاً أقمشة الـ«ساتان» اللمّاع، فبدت بعض الملابس مناسبة لروّاد الفضاء الصغار.
موضة عام 2008 خلبت الألباب بعدما قدّمت فساتين ومعاطف وقمصان مزيّنة بتطريزات بالخرز والـ«ترتار». كما ازدان بعضها بأشكال الورود والأزهار المعلّقة على الصدر أو الجيوب أو الجوانب. كذلك عمدت بعض دور الأزياء إلى تزيين الفساتين بالورود حول الياقات، وغطّت التنانير بالخرز اللّماع. كما اتخّذ بعضها من «الروك آند رول» إيحاءات كثيرة، فتمازجت المعادن بألوانها المتعددة كالذهبي والفضي، مع الأقمشة القطنية، لتؤكّد عودة موضة الدرّاجين، وتثبت رؤية روّاد الفضاء.