خليل صويلح
قصيدة نبطية تتحوّل إلى عمل تلفزيوني ضخم!
قد ينظر بعضهم إلى الأمر بخشية وريبة، ويبرر هذه الواقعة بسطوة المال وحده. وقد يتساءل آخرون عن موقع الموقف النقدي لمخرج صاحب بصمة مثل حاتم علي، قدّم خلال مسيرته أعمالاً لافتة، إضافة إلى عشرات النجوم السوريين الذين شاركوا في هذه «الملحمة التلفزيونية». علي يقدّم مسلسلاً بدوياً ضخماً، بعنوان «صراع على الرمال»، من بطولة تيم حسن، وإنتاج «مؤسسة دبي للإعلام» و«صورة للإنتاج الفني»... والعمل الذي اعتمد «خيال وأشعار» الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ونص هاني السعدي، يناوش مناخات بدوية تعود إلى نهاية القرن الثامن عشر في شبه الجزيرة العربية، «تنسجها مصائر أشخاص مختلفين، يجمعهم الحب وتفرّقهم الحرب». وبين هذين الخندقين، تدور قصص العشق والطمع والضغينة. وفوق رمال الصحراء، تسيل دماء، وتُكتب حكايات حب وفروسية ووفاء وشهامة وثأر وخيانة. إلّا أن علي ينفي أن يكون مسلسله الجديد استمرارٌ لموجة من المسلسلات البدوية التي كانت رائجة في مرحلة ما. إذ لطالما كان يُنظر إلى هذا النمط من الأعمال على أنّه نَخب ثانٍ أو ثالث. ويبرر المخرج السوري موافقته على المشاركة في المسلسل، مقاربة أحد أنواع الدراما التي لم يسبق أن تناولها في أعماله الأخرىويقول: «التنوع هو إحدى ميزات الدراما السورية وقدرتها على تقديم مقترحات مختلفة». ويضيف: «لا يختلف هذا العمل عن الأعمال التاريخية الأخرى، كما أنه موثّق، إذ إنه يجري في ظلّ الحكم العثماني، ويبرز معطيات المرحلة».
وفي مؤتمر صحافي عقدته مساء الاثنين «مؤسسة دبي للإعلام» و«صورة للإنتاج الفني» في دمشق، في مناسبة إطلاق الشركة السورية عملها الأول، أكد علي أنّ «صراع على الرمال» هو محاولة لإعادة الاعتبار إلى الدراما البدوية من طريق الإنتاج الضخم أوّلاً، وعبر معالجة بصرية متطورة. إضافة إلى رغبته الشخصية في اختبار أدواته في بيئة جديدة، وضمن قراءة إخراجية مغايرة للسائد.
المقاطع التي عُرضت من العمل، تُبرز صورة مبهرة بصرياً، ومعارك ضخمة وصحراء مفتوحة على صراعات دامية بين قبيلتين، يؤججها لصوص وأبطال ومغامرون يسعون إلى السلطة. لا ينكر حاتم علي وجود رسالة سياسية في العمل، كما يؤكد أن راهنية العمل لا تتعلق بزمن حدوثه، بل بمضامينه ومقترحاته السردية والبصرية، إضافة إلى اعتماده التوثيق في الزمان والمكان. فقد جرت العادة في المسلسلات البدوية أن تجري الأحداث افتراضياً، وبصورة متقشفة. لكن «صراع على الرمال» يسعى إلى تأصيل هذا النوع الدرامي وفق معايير تاريخية، «فالعمل البدوي في نهاية المطاف، ليس معزولاً عن محيطه من مدن وحواضر»، يعلّق حاتم علي. ولكن ما هو مبرر إنتاج عمل بدوي بميزانية ضخمة (6 مليون دولار): هل هي محاولة لتأصيل هوية بدوية مندثرة، وهل الحداثة كانت مجرد نزوة؟ يقول أحمد الشيخ، المستشار الإعلامي لـ«مؤسسة دبي للإعلام»، «إن الحداثة لا تعني نسف الهوية، فهي تتجاور مع معطيات أخرى، علمية وسياحية وتراثية». ويضيف أن المؤسسة تسعى إلى ترميم المقترح البصري لاستكمال صورة الإمارات في أطيافها المختلفة.
ويؤكد أن الدراما السورية هي ركنٌ أساسي ضمن هذا التوجه، في إشارة إلى الاتفاق الجديد بين «مؤسسة دبي للإعلام»، والتلفزيون السوري (راجع «الأخبار»، عدد 410). وتساءل بعضهم: هل ستفرض «مؤسسة دبي للإعلام» توجهاتها على الدراما السورية؟ يسارع حاتم علي إلى النفي، ويقول: «لم تتدخل الجهة الإنتاجية في مقترحات العمل على الإطلاق».
«صراع على الرمال» الذي تم تصويره في الصحراء المغربية ، والصحراء السورية، استقطب معظم نجوم سوريا. وبالكاد ستتعرف على هؤلاء وهم يرتدون الزيّ البدوي بصورته الاستشراقية: تيم حسن، وصبا مبارك، وعبد المنعم عمايري، وباسل خياط، ومنى واصف، وطلحت حمدي، وقمر خلف، ورنا أبيض، ونضال نجم... إلى مئات الكومبارس. ما رشح من مشاهد المسلسل، يؤكد أنه ضخم حقاً، وخصوصاً في مشاهد المعارك. ولعلّ حاتم علي عوّض خسائره (المعنوية؟) بمشهدية بصرية مبهرة، تراهن على المتعة والتشويق أولاً. إذ من المتوقع أن يلقى هذا العمل صدى طيّباً أثناء عرضه على تلفزيون «دبي».