مصر

محمد خير

بإعلانه أنّ 2007 هو آخر مواسم عرض مسرحيته «بودي غارد»، يكون عادل إمام أطلق رصاصة الرحمة على مسرح القطاع الخاص في مصر مقابل تفوق كاسح لمسرح الدولة. كذلك شهد المسرح المصري تغيّراً حاسماً هو توقف العروض في «مسرح الهناجر»، أحد أهم المسارح المختص بعروض الشباب. وأثار التوقف بحجّة ترميم المكان أقاويل عن غضب رسمي من «جموح» بعض العروض وتعرضها لموضوعات سياسية شائكة. فيما تحدث بعضهم عن خصخصة المسرح بسبب الخسائر التي تمنى بها فرق المسرح الخاص، مقابل النجاح الباهر لمسرح الدولة.
إلا أن وضع السينما يختلف. إذ لا تزال الأفلام التي قرّرت الدولة تمويلها بعيدةً عن التنفيذ باستثناء «المسافر» للمخرج أحمد ماهر وبطولة عمر الشريف. فالإنتاج ليس مجرد تمويل ولحسابات الموزعين ومالكي دور العرض أهمية فأولئك هم المتحكمون الحقيقيون في السوق وعناصر الإنتاج. في المقابل، ازدهر الإنتاج الخاص مع 40 فيلماً سنوياً، لكنّ 2007 لم يشهد إنتاجاً بضخامة «عمارة يعقوبيان». وإن كان 2006 شهد بدء نهاية سيطرة الكوميديا النظيفة على السينما المصرية، فـ 2007 حسم المنافسة بتنوع شديد في الموضوعات. هكذا، غلبت الاهتمامات السياسية وتمرّدت معظم أفلام نهاية 2007 على سلطة الدولة. «هي فوضى» ليوسف شاهين ينتهي باقتحام الجماهير الغاضبة لقسمالشرطة، «حين ميسرة» لخالد يوسف يشهد مذبحة لرجال الشرطة على يد إرهابيين... ولعلّ الإيرادات المرتفعة التي حققها فيلما شاهين ويوسف هي العامل المشترك بينهما وبين علاء الأسواني الذي يميل مثلهما إلى تناول السياسة بوفرة في أعماله. هكذا استكملت روايته «شيكاغو» نجاح سابقتها «يعقوبيان». «شيكاغو» استنفدت 9 طبعات بالعربية، ما جعل الأسواني على رأس قائمة المرشحين لنيل جائزة بوكر العربية. الجائزة المستحدثة صادفت دورتها الأولى إنتاجاً غزيراً لكبار الروائيين المصريين صنع الله ابراهيم (التلصص)، إبراهيم عبد المجيد (شهد القلعة)، وبهاء طاهر (واحة الغروب)، خيري شلبي (نسف الأدمغة)، ورؤوف مسعد (إيثاكا)...
وبينما صمتت الأصوات الشعرية المعروفة باستثناء إبراهيم داود (أسطورة المشي)، اقتصر الاحتفاء بالشعر على الذكرى الـ 75 لرحيل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم... وشهد الاتهامات التقليدية «بالاستيلاء» على الذكرى والتكريم! خلافات بدت استكمالاً لما دار في الدورة الأولى لـ«ملتقى القاهرة للشعر العربي» الذي قاطعه شعراء السبعينيات وذهبت جائزته إلى محمود درويش.
باستثناء المصادرة «المعتادة» لأعمال نوال السعداوي، لم تتعرض الكتب إلى مصادرات «بارزة» كما جرت العادة. لكن الثقافة تعرضت إلى مصادرة هي الأغرب من نوعها، عندما رفض الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي سداد غرامة مالية، فقررت المحكمة مصادرة أثاث منزله تنفيذاً للغرامة التي فُرضت عليه عقوبةً على «سب وقذف» الداعية الإسلامي يوسف البدري. والأخير دأب على إقامة الدعاوى القضائية على المثقفين. صراع «الشاعر والشيخ» تأجّج بعد أزمة أخرى محورها قصيدة حلمي سالم «شرفة ليلى مراد» التي اعتُبرت مسيئة للذات الإلهية.