جورج موسى
64 صحافياً قُتلوا في العالم خلال 2007. وهي الحصيلة الأكبر منذ 1994، وفق تقرير أصدرته أخيراً لجنة حماية الصحافيين. تبدو السنة المنتهية الأسوأ في تاريخ حرية الصحافة، كما أفادت جمعيّة «مراسلون بلاد حدود» التي أطلقت صرخة الإنذار، في تقرير مفصّل عن انتهاكات حرية الصحافة لعام 2007... لقد جرى تهديد أكثر من 1500 صحافي أو الاعتداء عليهم جسدياً، فيما فرضت الرقابة قيودها على 900 وسيلة إعلامية، بينها طبعاً شبكة الإنترنت!... وفي مؤشر المنظمة السنوي لحرية الصحافة، جاء لبنان في المرتبة 98، ومصر في المرتبة 146، وسوريا في المرتبة 154، بين 169 دولة شملها التقرير. وبينما حالت ضغوط سياسيّة دون إطلاق أول فضائية أردنية خاصة (ATV)، خاض الصحافيون في المملكة الهاشميّة معركة شرسة مع «لجنة التوجيه الوطني» في البرلمان، دون جدوى، لتعديل مادة تتعلّق بعقوبات السجن والغرامات المرتفعة التي تهدّد عمل الإعلاميين في قانون المطبوعات والنشر الجديد. كما واجه مشروع تأسيس نقابة مستقلّة للصحافيين التونسيين، عراقيل عدة في بلد تمنع السلطة فيه وسائل الإعلام من انتقاد النظام.
من العراق إلى فلسطين وإريتريا وكولومبيا حتى الولايات المتحدة، ومن آلان جونستون إلى سامي الحاج وجوش وولف وسيوم تسيهاي وكريم عامر... العنفُ الذي يمارس على «مهنة المخاطر» ـــــ كما سمّاها الأمين العام للاتحاد العالمي للصحافيين إيدن وايت ـــــ أصبح حدثاً يومياً واعتيادياً في مختلف أنحاء العالم... حتى الدول التي تدّعي الديموقراطية، سجّلت تقاعسات وخروقات مخزية... لم يعدّ سراً أن الاتحاد الأوروبي مثلاً، فضّل التزام الصمت حيال انتهاكات حرية التفكير والتعبير في دول تستفيد من هباته السخية (تونس مثلاً)، وأن دعم الولايات المتحدة لأنظمة تنتهك حقوق الصحافة يزداد بوضوح.
ومن لا يعش من الصحافيين خطرَ الاعتقال والمطاردة، يجد نفسه في عالم تمزّقه النزاعات وتحكمه مؤسسات إعلامية مرتبطة بمصالح الدول، في مواجهة دائمة مع كل ما تعلّمه عن أدبيات المهنة... وسط كل هذه المعمعة، أما زال ممكناً الحديث عن المناقبية المهنية، وعن الصدقية في تغطية الأزمات التي تعصف بعالمنا المعاصر؟