بيار أبي صعب
رحّب المعنيّون بصناعة النشر بالخطوة الخجولة التي قامت بها وزارة الثقافة المصريّة، إذ أوكلت إدارة “معرض القاهرة الدولي للكتاب” إلى شركة خاصة. كنا نتمنّى طبعاً تحديث أجهزة وزارة الثقافة نفسها، بكوادرها وذهنيّتها وآليات عملها. لكن ثقل البيروقراطيّة، والاعتباطيّة، لم يعد يسعه إنقاذ تلك التظاهرة الضخمة، والأهمّ على مستوى الكتاب العربي.
بقيت الرقابة. في القاهرة، عاصمة التنوير، وفي زمن الوسائط الجديدة، لم يعد مقبولاً أن ترخي الرقابة بظلّها البليد على عالم الفكر والنشر والإبداع... وخصوصاً حين يتعلّق الأمر بحكومة هي حاملة لواء “محور الخير” في المنطقة، والمبشّرة بالحريّة والليبراليّة والانفتاح! ما العمل إذاً؟ هناك حيلة كوميديّة، كما في أفلام اسماعيل يس وعادل إمام: تضيع صناديق الكتب في المطار، ولا يعرف أحد أين ذهبت! هذا ما حدث هذا العام في القاهرة: لقد “ضاعت” بعض الصناديق، ولم يصدر أي بيان منع، كما لم يبلغ المعنيّون عن أية مصادرة.
وتشاء المصادفات أن تكون العناوين “الضائعة” صادرة عن “دار الآداب” البيروتيّة، وبينها سيرة نوال السعداوي السجاليّة “أوراق حياتي” (3 أجزاء)، ورواية إدوار الخراط “مخلوقات الاشواق الطائرة"”، وكذلك رواية الكاتبة اللبنانيّة علوية صبح “مريم الحكايا”... وأعمال باتت كلاسيكيّة مثل «زوربا اليوناني” لنيكوس كازانتزاكيس، وروايتي ميلان كونديرا “خفة الكائن التي لا تحتمل” و“الضحك والنسيان”. ألم يعد من مكان لكونديرا وكازانتزاكيس في القاهرة؟ لا تقولوا لي إن «الشرق الأوسط الجديد» يخاف من علوية صبح! وإن سيرة نوال السعداوي التي صدرت في القاهرة، عن «دار الهلال»... قبل عشر سنوات، بات اليوم من الصعب استيرادها من بيروت!