حسين بن حمزة
صدور مجلة جديدة باسم “نقد”، “تعنى بنقد الشعر” كما جاء في تعريفها، هو أمر مفرح للشعراء ولقرّاء الشعر. أول ما يمكن أن يتبادر إلى الذهن هو الترحيب بصدور مجلة من هذا النوع. لكن ملاحظات عدّة تطل ما إن يتصفح القارئ العدد الأول. يبدأ ذلك من الافتتاحية التي وقّعها رئيسا التحرير، الشاعران زينب عساف وماهر شرف الدين. هذه الافتتاحية التي يُشار فيها إلى أنها ليست بياناً يحتاج أقلاماً لتوقيعه، تدحضها النبرة “البيانية” الواضحة والقوية التي استُهلت الافتتاحية بها: “شتاء 1957، صدور العدد الأول من مجلة “شعر”. شتاء 2007، صدور العدد الأول من مجلة “نقد” (دار النهضة العربيّة). الواقع أن هذه المقارنة أو الإحالة (حتى لو لم يكن ذلك مقصوداً) تتضمن ادعاء يبدو على قدر من المجانية، حين ينطلق من لحظة تاريخية (مجلة “شعر”) ليؤسس للحاضر والمستقبل. ويحق للقارئ أن يتساءل عن المشروعية والقدرة التي تعلنها الافتتاحية عن أنّ الاحتفاء بالمشروع الرائد لمجلة “شعر” لن يكون مستحقاً بغير اتمامه بالـ “نقد”. ألا يبدو هذا الكلام فضفاضاً أو سابقاً لأوانه على الأقل؟ إذا وضعنا الافتتاحية جانباً، سنكتشف أنّ “نقد” ليست مجلة بالمعنى الدقيق للكلمة. إنها أشبه بكتاب نقدي دوري يتناول، في كل عدد، تجربة شاعر محدد. وقد خُصّص العدد الأول للشاعر والمسرحي اللبناني بول شاوول.
أما المراجعات النقدية التي احتلت الصفحات التسع الأخيرة من العدد، فلا تنجح في إقناع القارئ بأنه أمام مجلة وليس كتاباً (الغريب أن هذه المراجعات وردت من دون توقيع). وهكذا، فإن العدد الأول (إقرأ: الكتاب الأول) من المجلة يتضمن ست دراسات نقدية عن تجربة بول شاوول الشعرية. نقرأ من بينها لعبد الرحمن بن زيدان من المغرب، دراسة بعنوان “المنفى والجسد وبلاغة الرؤى السوريالية”، ولسعد كموني من لبنان: “الغربة والتكرار والمعنى المفاجئ”، ولعقل العويط من لبنان “المحاور السبعة في بوصلة الدم”. ويلي الدراسات منتخبات من شعر بول شاوول.
أخيراً، فإن هذه الدراسات النقدية لا تنجو من ملاحظات مشروعة، حول طرق تناولها لتجربة شاوول، وعن الأفق النقدي المختلف الذي تجرب ارتياده... هذا الأفق الذي يُفترض أنّ المجلة تتبنّاه. فلننتظر العدد الثاني.