خالد صاغيّة
الأسْوَد هو الأسْوَد. لا أسود فاتحاً، ولا أسود غامقاً. إنّه، في الأصل، ليس لوناً. وإن شئتم، إنّه سيّد الألوان. ولو شــــاء، لكان أيّ شيء آخر.
وعلى رغم ذلك، وربّما بسبب ذلك، يرتكب المرء أحياناً بعض الأخطاء. يظنّ أنّ بإمكانه، بسبب عناده أو غبائه، وبقليل من الإرادة، التغلّب على الأسود، أو الخروج عن طــــاعته. قد يخطر في باله مثلاً أنّ الحياة بحاجة لألوان أخرى، فيجرّب الأزرق، أو الأحمر، أو الأصفر، أو الأرجوانيّ... وقد يذهب البعض في غيّه إلى اعتناق مذهب الفوشيا، أو حتّى الفستقي.
لا ينتبه المرء، حين يقع في فخاخ كهذه، أنّ الأســـــود وحده هو الأســــود. أمّا الألوان الأخرى فليست ألواناً إلا نوعاً ما، لا معنى لذكرها من دون إدراج عدد من الصفات إلى جانبها، كالقول مثلاً: كحلي غامق. كحلي فاتح. أزرق عكحلي... إنّها ألوان تفتقر إلى العصب الذي يشدّها إلى السماء، ويغرسها في الأرض في الآن نفسه. مجرّد محاولات فاشلة للتقرّب من الأسود، من الأسود الأسود.
واو... تلج تــــلج. واو... شو حـــــلو. واو... الأبيض. واو... قمم الجبال التي ارتدت ثوباً ناصعاً... تنهال فجأة على الشعب اللبناني مجموعة من المدائح والذبائح للّون الأبيض كلّما تساقطت الثلوج. تخيّلوا! قد تتساقط الثلوج في فصل الشتاء. يا لهذه المعجزة اللبنانية.
ألا يشعر أحد منكم بالبرد؟