strong> جورج موسى
على رغم مرور سنتين تقريباً على الرسوم الدانماركية المسيئة للإسلام التي نشرتها صحيفة “جيلاندس بوستن” اليمينية، ما زالت تداعياتها تتفاعل حتى اليوم. في فرنسا، بدأت أمس محكمة النظر في دعوى أقامها المسجد الكبير في باريس واتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، ضد مجلة “شارلي إبدو” الهزلية التي أعادت في عددها الصادر بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2006، نشر الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية. وانشغلت الصحف الفرنسية أمس بالقضية، وأعاد بعضها (“ليبيراسيون” مثلاً) نشر الصور كتضامن مع مجلة “شارلي إبدو”. ولا شك في أنّ المسألة في فرنسا بالذات تحوّلت الى معركة للدفاع عن حرية التعبير التي تُعدّ من ركائز الجمهورية. ويساند سياسيون ومثقفون ومسلمون علمانيون وجماعات ضغط يسارية مجلة “شارلي إبجو” من منطلق الحقّ في التعبير وحرية الصحافة. وأعلن فيليب فال ناشر “شارلي إبدو” في مناظرة تلفزيونية، بثّت قبل يوم من بدء المحكمة: “إن لم تتمكن الصحافة من انتقاد الدّين بعد اليوم، فلن تكون هناك حقوق للنساء، ولا تنظيم للنسل، ولا حقوق للمثليين”. أما دليل بوبكر، مدير المسجد الكبير في باريس، فقد أكّد أن خطورة الرسوم تكمن في تصوير المسلمين على أنّهم جميعاً إرهابيون.
ويبدو أنّ صحيفة “جيلاندس بوستن” الدانماركية تعمّدت الإساءة الى الإسلام، في معركتها السياسية ضد اليساريين في البلاد. إذ كشفت “ذي غاردين” البريطانية، بعد أيام من حادثة نشر الرسوم الكاريكاتورية أنّ “جيلاندس بوستن” اعتذرت عن عدم نشر رسوم كاريكاتورية للمسيح لقارئ أرسلها إليها “بحجة أنها تتناقض مع مزاج غالبية قرائها”. أضف إلى ذلك أنّ إعادة نشر الرسوم الساخرة يشكّل استفزازاً مجانياً للمسلمين في فرنسا، خصوصاً أن بعضهم يشعر بالظلم أصلاً. لكن المعارك في “لغة موليير” تتخذ شكلاً مختلفاً. فإذا أصدرت المحكمة حكماً لصالح “شارلي إبدو”، سيعدّ ذلك انتصاراً لحرية التعبير فقط . فيما المعركة تدور على جبهة مختلفة بالنسبة الى صحيفة “جيلاندس بوستن”.