بيار أبي صعب
عندما قدّمت الفنّانة اللبنانيّة الشابة لينا خوري العروض الأولى من “حكي نسوان”، في بيروت خلال نيسان الماضي، بعد سنة ونصف سنة من البحث والإعداد، والتريّث خوفاً من بطش الرقابة، استقبلنا بحماسة التجربة التي تجمع الجرأة والصدق والمهارة المقترنة بالبساطة. أربع ممثلات على الخشبة للحديث بـ“وقاحة” مؤسلبة (أعيد النظر فيها جمالياً وفنياً وفكرياً) عن عضو الأنوثة في كلّ حالاته، عن حميميّة المرأة، عن علاقتها بجسدها، بالصورة التي يفرضها عليه المجتمع... ناهيك بأشكال العنف والقمع والإرهاب الأخلاقي والضغوط الثقافيّة والابتزاز والاستغلال والتشييء التي يتعرّض لها جسد المرأة في مجتمع ذكوري قائم على الكبت والجهل.
كانت السلطة الجديدة في لبنان تبحث لها عن سمعة ليبراليّة ربّما. واستغلت لينا المناسبة، لتقدّم مع ريتا إبراهيم وزينب عسّاف وكارول عمّون وندى أبو فرحات، عرضاً يقتفي أثر الكاتبة الأميركيّة إيفا إنسلر في «مونولوغات المهبل». وانقسم الجمهور بحدّة يومذاك، حول تلك المسرحيّة النسويّة والإشكاليّة.
لكن العمل الذي يتواصل عرضه اليوم في فندق «مونرو»، لم يعد نفسه الذي صفّقنا له في «مسرح المدينة»! لقد وقع في فخّ حريّته. الرهان الثقافي والسياسي والجمالي غرق في لعبة الرواج التجاري. والكبت الذي تصدّت له لينا خوري ورفيقاتها، صار محرّك العرض وسرّ نجاحه: جمهور محروم يتهافت لسماع كلمات «ممنوعة»، ولمشاهدة فتيات «متحررات» في اللغة واللباس والوضعيّات. هل تخدم التجربة قضايا المرأة أم تمضي في استغلالها وتشييئها؟