عبادة كسر
طوت الأيام الوعود التي “هطلت” بكثافة لتعد بتحويل مكتبة المليون كتاب إلى مؤسسة عامة في بعلبك، وتبين أن ذاكرة بعض أصحابها ضعيفة.
تبخرت الآمال فسكنت كتب عبد مرتضى الحسيني ( صاحب أكبر مكتبة خاصة في الشرق الأوسط ) أخيراً لوحات عديدة آخرها لوحة “الكتب المهاجرة” التي رسمها إبنه جهاد علها توقظ ضمائر أصحاب الوعود.
يقول جهاد : « حطت كتب عبد مرتضى الحسيني في أكثر من لوحة زيتية رسمتها ، ولكن “الكتب المهاجرة” هي الأحب إلى قلبي ، تتجسد فيها مكتبة والدي الذي قضى عقودا في شراء وتجميع محتوياتها”، وهي النكتبة التي جعلها صاحبة ملتقى لمحبي العلم، يفتح أبوابها لمن يشاء من أبناء مدينته لنيهل من علومها ومحتويتها، ولا زال يحلم بأن تلقى الاهتمام والرعاية من قبل المسؤولين عن مدينة الشمس أو عن الشؤون الثقافية في لبنان.
الكتب التي رسمها جهاد هاربة ومهاجرة في السماء وقد استحدث الشاب البالغ من العمر 37 سنة في منزل والده ، في محلة رأس العين في بعلبك مكتبة فنية خاصة جعلها قلب المكتبة العملاقة ، وقد إحتضنت كل الكتب الفنية تقريبا التي حاذت عليها مكتبة أباه ، حيث أثقل جهاد موهبته بقرائتها ، ويقول : « طورت موهبتي من خلال قراءة هذه الكتب، حيث أنني بدأت حياتي الفنية منذ الصغر”، ويضيف : “كنت تلميذاً مميزا في حصص الرسم في المرحلة الإبتدائية ، وببرعت في شكل خاص في رسم وجوه من خيالي، وبدأت فعليا برسم اللوحات الزيتية قبل 10 سنوات”.
رسم كثير من القادة والمفكرين أمثال لنين وماركس كونه كان متأثرا بـــــــــــــــالفكر الماركسي، وكان للعدالة الإجتماعية حصة من أعماله، رسم أيضا فنانين عالمين كفان خوخ . ويتذكر جهاد أول لوحة زيتية رسمها: “وكانت للطبيعة من الفن الكلاسيكي، فعندما انجزتها شعرت أنها في حاجة لان تتطور” .
ويـــــــردف جــــــــهاد قائلاً: “رسمت لوحات تنتمي لمدارس متنوعة من الفن التشكيلي ، وبشكل خاص الكلاسيكي ، وأيضا السريالي لأنني أعشق كل شيء هارب من الواقع ..... تأثرت كثيرا بسيلفادور دالي ، أبــــــــــــو السريالية وبيكاسو وطريقته التكعيبية ، وفان خوخ أبو الإنطباعية التي تنقل أحاسيس الرسام مباشرة إلى اللوحة بدون تخـــــــــطيط مسبق”.
شارك جهاد مرتضى الحسيني في أربعة معارض جماعية ، ولكنه يرى بأن الحياة الثقافي في بعلبك شبه محتضر ، ويقول إن “القيمين على الشأن الثقافي لا يهتموا بالفنون والرسم” كما أنه لا يهتمون بالشؤون الثقافية الأخرى، ويعتبر اهمال مكتبة عبد مرتضى الحسيني خير دليل على انحسار الاهتمام بالشأن الثقافي، وفي هذا الإطار يقول جهاد “أردت “الكتب المهاجرة” نموذجا يعكس هذا الواقع”، ويضيف “لا يسعنا إلا أن نناشد القيمين على الشأن الثقافي أن يهتموابه حتى لا تهوي مكتبة الجاحظ مرتين ..... أنقذوا تراث بعلبكي، وطني يكاد يكون معبدا آخر من آثار بعلبك العظيمة” .