ليال حداد
“حين سُئل أرسطو: كيف تحكُم على الإنسان؟ أجاب: أسأَلُهُ كَمْ كتاباً يقرأ؟ وماذا يقرأ؟”، بهذه العبارة تستقبل مكتبة منتدى صوتك الإلكترونية زوارها. المكتبة حديثة، إذ إنها “ولدت” قبل شهر، لكنها تستقبل عدداً كبيراً من الزوار، وعدد الكتب التي باتت تحتويها لا يستهان به. تتنوع “كنوز” المكتبة بين الكتب الأدبية والروايات والكتب الدينية والفلسفية وكتب عن المعلوماتية وغيرها من الاختصاصات. أنواع الكتب متنوعة، لكن هدف هذه المكتبة الافتراضية وشعارها واحد وهو “الثقافة للجميع”، وذلك تماشياً مع “ظاهرة” عالمية انتشرت في السنوات الأخيرة وتسمح للجميع بالوصول إلى مصادر المعلومات والكتب بحرية تامة ومن دون أية كلفة مادية.
المسؤول عن المكتبة، يُعرف بمحمد (20 سنة)، يقول: “إن فكرة المكتبة انطلقت من تراجع اهتمام اللبنانيين عموماً بالشؤون الأدبية، وتراجعت نسبة إصدار الكتب 30 في المئة بين عامي 1990 و2007، وارتفعت أسعارها مع غلاء المعيشة”، ويضيف ان “أصحاب دور نشر يعتبرون أن الكتاب أصبح من الكماليات وأن عملية إصداره مكلفة ولا تعود عليهم بأرباح وفيرة”. في “ركن” أو وصلة من المكتبة مساحة واسعة للحوار يشارك من خلالها الزوار في مناقشة مضامين الكتب المعروضة. غير أن هذا النقاش محكوم بقوانين، على المتحاورين احترامها وتتلخص بعدم “تحقير أي معتقد وعدم الانجرار إلى أحاديث تحوّل النقاش عن هدفه الأساسي”. وفي هذا الإطار، يلفت محمد إلى أن “النقاش أمر ضروري. فكل شخص يفهم محتوى الكتاب بطريقته الخاصة، ويفتح النقاش لكل قارئ آفاقاً جديدة، ويلفت نظره إلى أمور لم يتنبه لها وهو يقرأ الكتاب”. وإضافة الى قوانين النقاش، هناك قانون يمنع على الأعضاء وضع الكتب التي لم يتجاوز تاريخ نشرها سنتين، و“ذلك كي تأخذ حقها في السوق”. ويكمل محمد حديثه بحماسة كبيرة، فيؤكد أن “قرّاءً أبدوا مرونة أكبر في تفهّم الرأي الآخر بعدما شاركوا في نقاشات المكتبة”، ويؤكد أيضاً أن بعض زوار الموقع “كانوا يكرهون المطالعة ويتشبّثون بآرائهم الحزبية أو الطائفية، لكن المكتبة أخرجتهم من قوقعتهم”. “تنبسط أسارير” محمد حين يتطرق إلى أولوية المكتبة، يعدل جلسته ويقول: إنها “تسمح للشباب بتلقي المعلومات، بعيداً مما تبثه وسائل الإعلام الموجهة في لبنان”.
ويحاول المنتدى أن يكون أيضاً فسحة تسمح لأصحاب المواهب من الشباب بعرض تجاربهم في الكتابة النثرية والشعر. وثمة قسم خاص في المكتبة يسمح للأعضاء في المنتدى بتبادل الكتب والخدمات. يوماً بعد يوم، يتزايد الإقبال على مكتبة “صوتك”. ويأمل محمد “أن تصبح المكتبة الإلكترونية الأكبر في العالم العربي بعد شهور”. “مشكلة العرب أنهم شعب لا يقرأ”، لكن مؤسسي “صوتك” يعملون على محاربة هذا الاتهام الإسرائيلي للشعوب العربية، ويريدون مكتبة المنتدى مشروعاً لتشجيع الأجيال العربية الشابة على أن “تنهل من جديد من المصدر الأساسي للثقافة أي الكتاب”.
منتدى صوتك ينضم إذاً إلى جهود ونشاطات ينفذها شبان لبنانيون وعرب مهتمون بالشأن الثقافي، ويتوقع زوار الموقع أن يزيد عدد الكتب فيه عن المليون إذا تابع مدراؤه اهتمامهم به.