تقديم: محمد خير «الجنّة الآن» يؤنسن «الإرهاب»
لا يتميز فيلم «الجنة الآن» (2005) بعنوانه المختصر الجذاب فحسب، أو بالفكرة الجريئة التي يعالجها المخرج الهولندي الفلسطيني الأصل هاني أبو أسعد. بل لعلّ أهم ما في الفيلم، إضافة إلى مستواه الفني الراقي، أنه يقنع مشاهده أياً كانت جنسيته أو اهتماماته، بأن العامل الديني هو آخر ما يميز الصراع الفلسطيني ــــــ الإسرائيلي. وأن المشكلة في فلسطين تشبه مثيلاتها في أي بلد عانى الاحتلال التقليدي: العنف يولّد العنف، والاحتلال يولّد الإحباط فالذل ثم الانفجار. وهذا الانفجار هو ما ينتهي به الفيلم، لكن بصيغة فنية وبصرية لم يتوقعها المشاهد.
يُكلّف سعيد (قيس ناشف) وخالد (علي سليمان) بتنفيذ عمليتين استشهاديتين داخل تل أبيب. يتتبع الفيلم آخر 36 ساعة في حياة الشابين: وداعهما لأهلهما في نابلس، استكمال الإجراءات والتفاصيل المتعلقة بمثل تلك العمليات، ارتداء البذلة الأنيقة وتسجيل الفيديو لوصية الشهداء، تدخين السجائر الأخيرة والتردد العابر قبل الموت، الصراع النفسي المحتدم... هل الصواب هو في ما سيقدمان عليه؟ يزيد الأمر سوءاً تدخل سها (لبنى الزبال) وهي ابنة مناضل قديم، لا تؤمن بجدوى العمليات الاستشهادية وتحاول إقناع سعيد بذلك. لكن سعيد يصر على موقفه، ثم يكتشف المشاهد أن والده كان عميلاً للاحتلال الإسرائيلي! حاز الفيلم الذي أثار الكثير من الجدل، نسبة مشاهدة عالية في 45 دولة عرض فيها. وقد فاز بجوائز عدة، منها: «غولدن غلوب» وأفضل فيلم أوروبي بمهرجان برلين، كما رُشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
اليوم منتصف الليل على «سينما 1strong>يوم قبّل عمر الشريف فاتن حمامة

عندما قام الباشا (زكي رستم) بتدبير جريمة قتل، اتهمت الشرطة الرجل الفقير الطيب عبد الوارث عسر، وحكم عليه بالإعدام. لكن ما لم يخطر على بال الجمهور في قاعة السينما، أن ينفّذ الإعدام ظلماً بالرجل البريء، وهذا ما حدث. كان تيار الواقعية السينمائية في ذروة صعوده، يتزعمه صلاح أبو سيف. فقرر يوسف شاهين أن يزايد عليه في “صراع في الوادي” (1954)، وجعل بطل الفيلم الوجه الجديد عمر الشريف، يكافح لإثبات براءة والده. تعاطف الجمهور كثيراً مع الشريف، خصوصاً في المشهد الأشهر الذي طارده فيه غريمه فريد شوقي بين أعمدة معبد الكرنك، محاولاً أن يقتله وينتزع منه حبيبته فاتن حمامة. رغم سوداوية (واقعية) الإعدام ظلماً، وازن شاهين الصدمة بنهاية سعيدة، ينتصر فيها المهندس الشاب (رمز الجيل الجديد بعد ثورة يوليو) على الباشا الإقطاعي وابن أخيه القاتل. «صراع في الوادي» قصة وسيناريو وحوار علي الزرقاني. وهو سادس أفلام شاهين، لكنه يعدّ أول أفلامه المهمة. وقد دُهش الناس عندما قدم شاهين وجهاً مغموراً هو عمر الشريف لبطولة أولى أمام النجمة الكبيرة فاتن حمامة. كانت هذه الاخيرة قد انفصلت للتوّ عن المخرج عز الدين ذو الفقار. ورحّبت بعمر الشريف الذي جلبه يوسف شاهين من الإسكندرية حيث كان يعمل مع والده بتجارة الأخشاب. وقع عمر وفاتن في الغرام بعد قبلة طويلة في الفيلم، أعاد شاهين تصويرها 11 مرة. وكانت القبلة السينمائية الأولى لفاتن حمامة على الإطلاق، وانطلقا بعدها في مشوار فني مشترك وزواج استمر إلى أن رحل الشريف إلى هوليوود.
اليوم 21:00 على «سينما 2strong>... ويوم هزمه أحمد رمزي

عرض «صراع في الوادي» في مهرجان «كان» بعنوان «سماء الجحيم». وبعد ذلك بنحو نصف قرن، اختير ضمن قائمة أفضل مائة فيلم مصري. لكن ذلك لم يكن من نصيب الفيلم التالي من المجموعة نفسها «صراع في الميناء» (1956) الذي جاء بقيمة فنية أقلّ من سابقه.
وقد اشترك في كتابة السيناريو والحوار كل من شاهين والسيد بدير ومحمد رفعت.
وكان غريم عمر الشريف هذه المرة الوسيم أحمد رمزي، بدلاً من الوحش فريد شوقي. وعلى رغم أن الشريف كان قد اكتسب هذه المرة مزيداً من الخبرة، تفوقت عليه فاتن حمامة في الأداء كثيراً.
وتألقت في أداء دور الفتاة الساحلية المتمردة، وبرع أحمد رمزي كعادته في أداء دور الفتى الثري من دون ابتذال أو تكلف، فيما كافح الشريف لأداء دور الغيور المكافح من دون أن يستطيع سرقة الكادر من فاتن ورمزي، أو حتى توفيق الدقن.
ومع ذلك، فور انتهاء تصوير الفيلم وعرضه، بدأ الشريف أداء أول أدواره في السينما الأجنبية، وكان ذلك في العمل الفرنسي «مرحباً أيها الحزن» للمؤلفة فرنسوا ساجان، ومنه انطلق إلى عالمية بعيدة عن عالمية مكتشفه يوسف شاهين.
وقناة «سينما 1» التي تعرض اليوم «صراع في الوادي»، تقدم غداً السبت «صراع في الميناء».
غداً 21:00 على «سينما 2»