ليال حداد
تقف ليلى أمام واجهة متاجر في شارع الحمراء في بيروت. تنظر الى الورود الاصطناعية المعروضة. تدخل المتجر. تسأل عن السعر. يأتيها الجواب من البائعة. تبتسم. تشتري الوردة وتغادر. شاهدت ليلى الوردة نفسها في هذا المتجر الأسبوع الماضي بسعر أغلى من السعر الحالي. “الأسبوع الماضي كان عيد الحب وفي هذه المناسبة ترتفع أسعار السلع بشكل كبير، لذلك “قررت ان أشتري هدية لحبيبي بعد العيد، في هذه الحال أكون متأكدة من أني لم أتعرض للاستغلال من جانب أصحاب المحال”.
خيار ليلى مشابه لما قرره عدد كبير من العشاق في لبنان، فهؤلاء يحتفلون بعيد “فالنتاين” بعد 14 شباط بأسبوع، والسبب ضيق ذات اليد بالطبع، فسعر الوردة الحمراء ألف ليرة لبنانية، أما في عيد العشاق فتُباع بخمسة آلاف ليرة على الأقل. اللبنانيون الذين اشتهروا بحبهم للترف صاروا ينتهجون أسلوب حياة متقشّف بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي، لذلك فإن جولة سريعة على المتاجر التي تبيع الورود أو الهدايا الخاصة بعيد العشاق والمزيّنة طبعاً بالقلوب وبعبارات العشق والغرام تظهر ان معظم المحال زاد مبيعها بعد العيد لأنها خفّضت أسعارها. أصحاب المتاجر أنفسهم يقرون بهذا الأمر، ويرددون كلاماً على انتعاش حركة المبيع، إلى حد ما، بعد العيد.
“في هذه السنة ازداد عدد العشاق الذين يعايدون ويحتفلون بالعيد بعد 14 شباط، وذلك لأن أصحاب المتاجر يقومون بخفض الأسعار بطبيعة الحال بعد مرور العيد”، هكذا تشرح السيدة هيام يونس حركة البيع في متجرها في منطقة الأشرفية. تتوجه الى واجهة المتجر وتشير الى علبة تحتوي على قلوب من كل الألوان، إضافة الى لعبة على شكل كلب يحمل قلباً في فمه وتقول: “مثلاً الأسبوع الماضي كان سعر هذه العلبة عشرين دولاراً، أما اليوم فأنا أبيعها بعشرين ألف ليرة”. تنتبه الى أنها تفضح نوعاً ما سياسة المتاجر في التحكّم بالأسعار، فتعود وتوضح “ولكن هذا أمر طبيعي، ففي فترات الأعياد كل شيء يرتفع سعره، هذه هي قوانين السوق”.
غير أن قانون الـسوق يبدو انه لا يعجب العشاق اللبنانيين فتخبر هيام أن سيدة جاءتها تطالب بإعادة الهدية التي اشترتها الأسبوع الماضي لأن “المتجر قام بـسرقتها”، فهذه السيدة دفعت الأسبوع الماضي 50 دولاراً ثمن الهدية، أما اليوم فأصبح سعرها 55 ألفاً. أما هادي محسن الذي يملك متجراً لبيع الورود في شارع مار الياس فيقول إن من الطبيعي ان ترتفع أسعار الورود الحمراء في عيد الحب، وقد رصد هذه السنة ظاهرة تتمثل في ان العشاق يشترون وروداً من كل الألوان ما عدا الحمراء لأن سعرها يبقى كما هو، “خلص العام المقبل سأرفع سعر كل الورود”، يقول ضاحكاً. ويعترف بأن هذا القرار “غير أخلاقي من الناحية الإنسانية” ولكن “بدنا نعيش، نحن التجار نضطر لرفع أسعارنا في الأعياد، فهذه هي الفترة التي نستفيد منها فقط خلال السنة”.