مهى زراقط
انتهت أمس ولاية مجلس إدارة قناة «الجزيرة»، فيما الصحافة القطرية تشنّ حملة على مديرها العام وضاح خنفر بسبب «معايير خنفرية» ضد حقوق «الجالية القطرية» في مجموعة «الجزر المحتلة»...

تتعرض إدارة قناة «الجزيرة» في قطر لـ حملة شرسة من الصحافة المحلية بسبب ما اعتبرته «ظلماً» لاحقاً بمواطنيها في مجموعة «الجزر المحتلة»، أي قنوات شبكة «الجزيرة»: الإخبارية، الرياضية، الوثائقية، الإنكليزية، الجزيرة. نت... وقريباً جريدة «الجزيرة»!
تتزامن هذه الحملة التي بدأت قبل حوالى أسبوعين، مع انتهاء ولاية مجلس الإدارة الحالي، واقتراب موعد تعيين مجلس إدارة جديد بعد شهرين. وهذا يفرض سؤالاً عمّا إذا كانت هذه الحملة مرتبطة فعلاً، كما يقال، بقضية الموظفين القطريين الخمسة الذين أوقفوا عن العمل في قناة «الجزيرة الرياضية» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006؟ أم أنها إشارة إلى الصراع الخفي على موقع المدير العام للقناة، الموقع الذي شبهه مرة أحد الرؤساء العرب بأنه بات أهم من منصب الأمين العام للجامعة العربية؟
يعزّز طرح هذا السؤال مضمون المقالات المتعددة التي نشرت في صحيفتي «الراية» و«الوطن» القطريتين، وكتبها كل من أحمد عبد الملك وأحمد علي على حلقات، وما استتبعها من تعليقات لا تزال مستمرة. المصطلحات التي يستخدمها الصحافيان حادّة وجارحة، تصل إلى حدود الشتم من دون أن تشرح للقارئ فعلياً ما هي القضية مثار الشكوى. نقرأ في كلّ المقالات عن وضاح خنفر، المدير العام لشبكة «الجزيرة» (فلسطيني الجنسية)، بصفته «قائمقام الجزر المحتلة»، وعن «معايير خنفرية»، و«سياسة اضطهادية يمارسها مدير الشبكة»، ما يحوّل القطريين إلى «جالية» أو «هنود حمر» في وطنهم.
هذه الأوصاف، وغيرها كثير، تأتي بهدف واحد، حسب أحمد علي، هو «الدفاع عن حقوق الموظفين القطريين الخمسة الموقوفين عن العمل في القناة القطرية». وذلك على خلفية إدلائهم بحديث إلى مجلة «استاد الدوحة»، اعتبرته القناة مسيئاً إليها، وهو ما ورد في مقالة واحدة من مجمل المقالات التي تناولت القضية.
لذا، يعلن أحمد عبد الملك في صحيفة «الراية» عن الحاجة «إلى لجنة تقصي الحقائق في أمر معاملة القطري داخل «جزره المحتلة»! نعم نحن نحتاج إلى فتح ملف قضية الجزر ونتحدث بصراحة العلم وعلم الصراحة، عن طبيعة إدارة هذه الجزر التي بدأت روائح خبيثة تخرج منها... كما نريد أن نفتح السير الذاتية لهؤلاء ونقارنها بالسير الذاتية لنظرائهم القطريين. هل هؤلاء الأفذاذ الذين يقتطعون مبالغ خيالية شهرياً كرواتب، لا يوجد لهم نظائر ممن يحملون الجنسية القطرية؟»
ويكتب أحمد علي في صحيفة «الوطن» عن افتقار القناة إلى الكوادر الوطنية، «ولو زرعت الجزيرة البذور القطرية في تربتها الخصبة منذ عام 1996، وتبنت بعد انطلاقتها عشرة طلاب قطريين من المرحلة الإعدادية، وقامت بتأهيلهم وتدريبهم، لأصبحوا اليوم نجوماً في برامجها الفضائية، يحملون شهادات الدكتوراه».
الا أنّ هذه الصورة التي تقدّم عن وضع القطريين في «الجزيرة» غير دقيقة بحسب عدد من الموظفين. وأوضح أحدهم، لبناني الجنسية: «إذا صدّقنا أن القضية مرتبطة فعلاً بظلم لاحق بالقطريين، ففي الأمر مبالغة كبيرة وحتى عنصرية... هناك تجاوزات كثيرة، لكنها لا تدخل في إطار التآمر على القطريين الموجودين في مختلف القنوات. الكفاءة تفرض نفسها أينما وجدت». وتعتقد مصادر أخرى أن الحملة قد لا تكون مرتبطة فقط بالموقوفين الخمسة عن العمل في «الرياضية»، «لكن هناك نجاح عشر سنوات يريد آخرون حصاده من دون أن يكونوا قد تعبوا فيه».
ربما لهذا يتطرق أحمد علي إلى الجريدة الجديدة التي ستطلقها «الجزيرة»: «هذه الصحيفة التي ستصدر تحت مظلة الشبكة الخنفرية». ويسأل إن كانت ستخضع لقانون المطبوعات القطري الذي ينصّ على أن يكون رئيس التحرير قطرياً، «لأن الاستثناء الوحيد يجب أن يصدر بقرار من وزير الإعلام. ونحن لا وزارة للإعلام لدينا، فمن سيستثني رئيس تحرير «الجزيرة» من هذا الشرط»؟
اللافت أن إدارة «الجزيرة» لم ترد على هذه التصريحات منذ بداية الحملة. وبعد محاولات متكررة من «الأخبار»، أجاب محمد السادة، نائب المدير العام، بتردد على أسئلتنا. وأوضح في البداية أن الإدارة لا ترغب في الدخول في لعبة الردّ، «لأن الحملة لا تنطلق من نقد بنّاء بقدر ما تقتصر على التجريح الشخصي. ولو كان هناك رغبة فعلية في مناقشة الموضوع وطلبوا احصاءات ولم يتعرضوا بشكل مهين للمدير لكنا أجبنا».
ويشرح مشكلة الموظفين الخمسة الذين «لم يأت توقيفهم عن العمل بسبب تعبيرهم عن آرائهم. بل لأنهم عبّروا عنها بطريقة مسيئة، والمدير العام وضاح خنفر هو من أوقف استقالاتهم». ويذكّر بأن خنفر هو من اتخذ قرار نقل المذيع الرياضي محمد الكواري إلى الجزيرة الأم (الإخبارية)». كما يرفض السادة بشكل مطلق أي حديث عن ظلم لاحق بالقطريين في «الجزيرة». وينطلق من نفسه: «أنا قطري وأشغل منصب نائب المدير العام». ويؤكد أن نسبة الموظفين القطريين العاملين في شبكات «الجزيرة» عامة هي أكبر من غيرها بكثير، ويقترب العدد من 400 موظف. ويحتل بعضهم مناصب مهمة، بينها: نائب المدير العام للشبكة، ومدير القطاع التجاري، والمدير المالي. كما يصل عدد الموظفين في إدارة التشغيل إلى 60 في المئة». ولا يفوت محمد السادة الإشارة إلى الدور الذي لعبه خنفر منذ تسلّم مهمته قبل ثلاث سنوات في توسيع «الجزيرة» وإطلاق القناتين الإنكليزية والوثائقية.