strong>بسام القنطار
تنطلق اليوم فعاليات السنة القطبية الدولية عبر برنامج علمي ضخم يركّز على المنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية. ويشارك في تنظيم السنة القطبية الدولية المجلس الدولي للعلوم (ICSU) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO). وهي في الواقع رابع سنة قطبية، إذ سبقتها ثلاث سنوات للغرض نفسه في 1882-1883، 1932-1933، و1957-1958.
مدير أنشطة السنة القطبية الدولية نيكولا مونرو أكد لـ“الأخبار” انه “لكي يتسنى تحقيق التغطية الكاملة والمتساوية للمنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية، تغطي السنة القطبية الدولية دورتين سنويتين كاملتين من آذار 2007 إلى آذار 2009، وتشمل نحو 200 مشروع، يقوم خلالها آلاف العلماء من أكثر من 60دولة بدراسة مجموعة واسعة من الموضوعات الفيزيائية والبيولوجية، والاجتماعية. وتمثل هذه السنة القطبية الدولية فرصة للتعامل مع أحدث العلوم ومتابعتها والمشاركة فيها”.
وبحسب مونرو تعتبر مسألة تغيّر حالة الثلج والجليد من الضرورات الملحة والأساسية التي أدت إلى إطلاق السنة القطبية الدولية، وقال “تكثر الشواهد على حدوث تغيرات في حالة الثلج والجليد، إذ يتقلص نطاق الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية وكتلتهما، وتتقلص مساحة الغطاء الثلجي ومدته ويتأخر توقيت حدوثه، ويتقلص الجليد البحري من حيث نطاقه وسماكته. وللتغيرات التي يشهدها الغطاء الثلجي والجليد البحري تأثير مباشر في النظام الأرضي والبحري. وإن التربة الصقيعية، وهي شكل آخر من أشكال الجليد الذي يؤثر في ما يقرب من 25 في المئة من أراضي نصف الكرة الشمالي، تكشف عن شواهد تدل على تعرضها للكثير من التحلل نتيجة احترار المناخ. ويؤثر تدهور التربة الجليدية في الظروف الإيكولوجية والهيدرولوجية المحلية واستقرار السواحل والتربة”.
وأكد مونرو ترابط التطورات على المستوى العالمي، حيث سيكون للتغيرات التي تطرأ على الصفائح الجليدية تأثير في مستوى مياه البحار على نطاق العالم، وفي المدن الساحلية والمناطق المنخفضة. وستؤثر التغيرات المتعلقة بتساقط الثلوج وانكماش الأنهار الجليدية في الملايين من السكان الذين يعتمد استخدامهم اليومي للمياه في الأغراض الشخصية أو في الزراعة على التراكم الثلجي والكتل الجليدية. وسوف يؤدي تحلل التربة الجليدية بفعل ارتفاع درجة الحرارة إلى حشد احتياطيات ضخمة من الكربون المتجمد الذي يكون بعضه على شكل غاز الميثان، وإلى زيادة التأثير العالمي لغازات الدفيئة. وسوف تؤدي التغيرات في الجليد البحري، عندما تقترن بزيادة تغذية الأنهار بالمياه العذبة، إلى حدوث تغيرات جوهرية في الحركة الدورانية لمياه المحيطات. وإن ارتفاع درجة حرارة المحيطات القطبية، عندما يقترن بحدوث تغيرات في الغطاء الجليدي وجريان المياه في الأنهار، سوف يؤدي إلى تغير النظام البيئي البحري بما يترتب على ذلك من نتائج بالنسبة إلى مناطق صيد الأسماك ذات الأهمية العالمية.
قد يتساءل البعض: ما علاقة لبنان بالسنة القطبية الدولية؟ والجواب هو أن التغيرات القطبية لا تحدث في كوكب آخر بعيد منا، ولكنها تحدث في بيئة المعيشة اليومية لأكثر من أربعة ملايين نسمة من جيراننا في هذا الكوكب، وتشهد مجتمعاتهم تغيرات في بيئتها الطبيعية وفي مواردها الطبيعية ونظمها الغذائية، وهي تغيرات تحدث بسرعة وضخامة ليس لهما مثيل في الخبرات الحديثة أو المعارف التقليدية. كذلك يواجه السكان تحديات صحية فريدة تتصل في جانب منها بالملوّثات التي تنتقل إلى المناطق القطبية، والضغوط المتزايدة المترتبة على التنمية وانتشار النزعة التجارية.
يعتبر مونرو ان السنة القطبية الدولية 2007-2009 تساعد على تحفيز الإحساس بوجود أوضاع ومستجدات لا ينبغي السكوت عنها، وينبغي العمل على استكشافها. فما هي الأسرار التي يحجبها ماضي الكوكب الذي نعيش فيه، وما الذي يخبئه الجليد؟ وكيف تستطيع الحياة أن تتحمل البرودة الشديدة والظلام الطويل؟ وما هي مظاهر التأقلم الهيكلي والفسيولوجي التي تطورت في المياه الباردة وساعدت حركة المياه على انتشارها في المحيطات؟ وما هي أعاجيب الكيمياء الضوئية التي تحدث عندما يسقط أول ضوء للربيع على ثلوج الشتاء؟ وكيف تؤثر العشائر الميكروبية في الطبقات العليا من المحيطات في تكوين السحب في المحيط الجوي؟ وما هو الثراء السلوكي واللغوي والمعرفي الذي سمح للمجتمعات البشرية بالبقاء في منطقة القطب الشمالي لآلاف السنين؟ وهل يمكن الجليد الصلب الصامت القديم أن يحتفظ بكل ذلك التاريخ وأن يتغير بهذه السرعة؟ وهكذا، تمثل السنة القطبية الدولية فرصة فريدة لتضافر الجهود من أجل اقتحام هذه الآفاق الفكرية، واستكشاف أماكن لم تسبق رؤيتها، ووضع مفاهيم ونظريات جديدة، وتهيئة المجال للخروج بتنبّؤات، وتقديرات، وتوصيات تنقذنا جميعاً.


أعمال النفط تؤذي البيئة القطبية
شب قبل أسبوعين حريق في سفينة يابانية لصيد الحيتان قبالة ساحل القارة القطبية الجنوبية فأثار الحادث مخاوف من كارثة بيئية قد تقع إذا تسرب شيء من زيت الوقود والمواد الكيماوية إلى السفينة. تسبب مئات الحوادث الضرر للقارة القطبية. في ألاسكا رفعت جمعيتا “بيئة المحيط الهادئ” و“مركز التنوع البيئي” دعوى قضائية على الحكومة الأميركية بسبب إخفاقها في تقديم حماية مناسبة للدببة القطبية والحيوانات الثديية البحرية الشبيهة بالفقمة أثناء توسيع عمليات التطوير في حقل نورث سلوب النفطي في الاسكا. وترى جمعية عدالة الأرض البيئية أن طائرات الهليكوبتر والشاحنات وعمليات المسح السيزمية مزعجة بما يكفي لدفع الدببة الأمهات إلى الفرار من بيوتها هاجرة صغارها، وتخويف الحيوانات الثديية البحرية بما يجعلها تفر مذعورة من الشاطئ مما قد يتسبب في سحقها. ويقول الخبراء إن تطوير حقول النفط سيف ذو حدين بسبب قلة الملاجئ المتاحة للدببة نظراً لذوبان الجليد بسبب التطور الصناعي. ويرى هؤلاء أن العمل في الحقل النفطي أشد ايذاء الآن لأن مناخ القطب الشمالي الدافئ تسبب في اذابة معظم جليد البحر الذي تحتاج له الحيوانات لتبقى على قيد الحياة.