في لبنان قلّما تكشف لنا المهرجانات الدولية التي تنظم خلال الصيف مواهب مخفية، إذ إنّ معظم برامجها تكون عبارةً عن مجموعة أسماء حققت شهرة عالمية وبلورت نوعاً من الشهرة المقبولة محلياً. ونتيجة لذلك، تنعكس على أسعار البطاقات التي ليست في متناول شريحة من عشاق الموسيقى من الجمهور اللبناني. في المقابل، بدأ منذ بضع سنوات «المركز الثقافي الفرنسي» في بيروت، من خلال ما يعرف بـ«كاباريه دو موند»، تنظيم نشاطات فنية في نادي «ميوزكهول» بالتعاون مع المنتج الموسيقي ألفتريادس. حفلة واحدة كل مرّة، يتم تنظيمها من فترة إلى أخرى، تحييها فرقة شابة، أو فنان لم يدخل دائرة التكريس التجاري، أو موهبة غير مكتشفة من الفنانين الفرنسيين أو الفرنكوفون... إضافة إلى الشهرة المحدودة بالنسبة إلى الجمهور المحلي، يجمع بين هؤلاء الفنانين الذين زاروا بيروت حتى الآن همٌّ فني واحد، مناهض للمنطق التجاري الذي قضّ مضجع الساحة الفرنسية العريقة، بعدما غاب عنها جيل سيرج غنسبورغ وجاك بريل وجورج براسينس وجان فيرّا وليو فيري وغيرهم.
اليوم صار الجمهور اللبناني يولي ثقة عمياء لمبادرات «ديوان العالم»، بمعزل عن شهرة الفنان الذي يستضيفه الـ«ميوزكهول»، إذا كان المنظم هو «كاباريه دو موند»، إذ لم يخطئ المنظمون قط في الخيارات الفنية التي اتخذوها حتى الآن. لكن أي حفلة كانت الأجمل؟ حفلة الـTêtes Raides الفريق الفوضوي (Anarchiste) الفرنسي؟ أم حفلة المغنية الشابة أوليفيا رويز؟ أم كاميّ؟ أو ربما حفلة فرقة Jack The Ripper لمن يحب الصخب الذكي؟ هذا نموذج من لائحة طويلة، باتت عنوان القيمة الفنية الأكيدة، والمغامرة المضمونة النتائج. وربما تكون حفلة جان شرهال غداً هي الأجمل...