بيار أبي صعب
إنبعثت في العاصمة التونسيّة قاعة عرض من نوع جديد. كلّ من زار تونس منذ سبعينات القرن الماضي، يعرف «سينما إفريقيا» على جادة الحبيب بورقيبة في قلب المدينة النابض. الجمهور المحلّي من هواة الفن السابع، كان يؤمّها خلال الحقبة الذهبيّة للتواصل مع الأعمال والتجارب والأسماء الجادة في السينما العالميّة... ثم تقهقرت الحياة الفكريّة والسياسيّة في تونس عاصمة الفنون المشهديّة البديلة في العالم العربي. وكان وسط المدينة أوّل من دفع ثمن التصحّر الثقافي والمديني والديموقراطي، فدخلت «سينما افريقيا» في احتضار طويل.
اليوم نحتفل بعودة الروح الى هذا الفضاء الرمزي الذي يدافع، بمبادرة من المنتج الحبيب بلهادي، عن سياسة مغايرة في البرمجة والتوزيع. سينما افريقيا للفنون كما صار اسمها، تراهن على النوعيّة، وتعطي الصدارة السينما الوطنيّة التي ضاقت بها شبكات التوزيع التقليديّة. وتفتح CinémAfricArt أبوابها لأبرز نتاجات الفنّ السابع عبر العالم، تلك التي كاد منطق السوق «يمنعها» من دخول بلداننا ما دامت خالية من الأكشن والعنف والاثارة السهلة والاستعراض الهوليودي التسطيحي. سينما للفنّ والتجربة من ٣٠٠ مقعد، في بلد كان رائداً في تنظيم شبكة «نوادي السينما» التي مهّدت للنهضة السينمائية كما عرفتها تونس في الثمانيانات.
افتتحت الصالة مساء السبت بفيلم جيلاني السعدي «عرس الذيب». وعلى البرنامج للأسابيع المقبلة أسماء كثيرة، من الفاضل الجعايبي (جنون) وأنور ابراهم (كلمات ما بعد الحرب) ونادية كامل (سلطة بلدي)، مروراً بنادين لبكي وميشال كمّون وفوزي بن سعيدي.، ووصولاً إلى كارلوس ساورا و... جان ـــــ لوك غودار. رحلة الألف ميل على طريق الديموقراطيّة، تبدأ بصالة سينما واحدة!