بروكسيل ـ طه المراكشي
اختُتمت الدورة الثانية من «مهرجان الفيلم العربي» في بروكسيل الذي عرض أفلاماً مختلفة الانتماءات، واحتفى بمئوية السينما المصرية. وقد افتُتح المهرجان بفيلم هالة خليل «قصّ ولزق»، بعدما كان مقرراً أن يفتتحه شريط مصري آخر هو «على الهوا» لإيهاب لمعي.
على العموم، كان الاختيار موفقاً لافتتاح دورة مهرجان سينمائي عربي في المهجر، خصوصاً أنّ «قص ولزق» يلامس موضوع الهجرة، ليس كواقع بل كحلم وطموح. ولأن الأحلام غير المحسوبة سرعان ما تتبخر، فالحلم بالهجرة إلى نيوزيلاندا لدى بطلي الفيلم جميلة (حنان ترك) ويوسف (شريف منير) تبخر في نهاية الفيلم. كما تبخّر طموح منظمي المهرجان بأن تشكّل هذه الدورة احتفالاً لائقاً بمئوية السينما المصرية.
المهرجان الذي كان يحضّر تكريماً للنجمين نور الشريف ومحمود ياسين، افتتح فعالياته في غيابهما بعدما غيّر النجمان موقفهما من المشاركة من دون أن يكلفا نفسيهما عناء الاعتذار. هكذا مرّت الأمسية المصرية مقفرة من نجومها. وحدها بانوراما السينما المصرية شهدت عرض أفلام قديمة أفقدها غياب النجوم حرارة المتابعة.
ومن حسن حظ المنظمين أنّهم أدرجوا ضمن فعالياتهم أمسيات مغربية وفلسطينية ولبنانية تنسي الجمهور فقر الأمسية المصرية. فالأمسية اللبنانية لاقت نجاحاً جماهيرياً لافتاً حيث عُرض شريط تسجيلي للمخرج البلجيكي من أصل مغربي إسماعيل المرابط «لبنان 2006 : 34 يوماً... أبدية» الذي تابع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان من خلال شهادات مواطنين لبنانيين وبلجيكيين. وبعده، كان الجمهور على موعد مع «فلافل» ميشال كمون.
وإضافة إلى مصر ولبنان وفلسطين، حضر المغرب الذي تعذّر على أهم مخرجيه ونجومه المشاركة بسبب تزامن مهرجان بروكسيل مع مهرجان طنجة السينمائي، علاوةً على تونس وسوريا والعراق والبحرين والجزائر والكويت وليبيا في إنتاج مشترك مع بريطانيا والسويد وإيران وهولندا وفرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة. وهو ما دفع المهرجان إلى طرح قضية الإنتاج العربي ـــــ الأوروبي المشترك، والدور الذي يلعبه السيناريو في هذا الإنتاج، من خلال طاولة مستديرة أثارت العديد من القضايا كالرقابة في العالم العربي، ومدى استثمار بعض التابوهات لاستدرار التمويل الأوروبي. قضايا حاول عبرها المهرجان توسيع دائرة النقاش بين المهنيين والمهتمين على الصعيد المحلي، مؤكداً أنّ دينامية المهرجان في دورته الثانية ليست مجرّد زينة بقدر ما هي مواكبة حقيقية للحضور الثقافي العربي في المملكة، لترسيخ مفاهيم التبادل الثقافي والتعايش بين الثقافات المتعددة التي تزخر بها بلجيكا. وقد بدا جلياً أنّ الدورة استفادت من النجاح الذي شهدته الدورة الأولى للمهرجان التي رعتها ليلى شهيد سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي.