طنجة ـــ ياسين عدنان
شريط «في انتظار بازوليني» لداوود أولاد السيد الذي عُرض في «المهرجان الوطني التاسع للفيلم المغربي» في طنجة الشهر الماضي، تناول معاناة الكومبارس المغاربة في الأفلام الأجنبية التي تُصوَّر في المغرب. واختيار المخرج وجوهاً من الجنوب المغربي، لأداء بعض الأدوار الأساسية، أثار بعض النقاش. عندما حاول أولاد السيد الإشادة بامرأة تقمصت «بنجاح» الدور الذي أسنده إليها، قاطعه الممثل المغربي المتميز محمد بسطاوي (زوجها في الفيلم)، معلناً رفضه اختيار المخرج لممثلين مبتدئين في فيلمه. وانتهز بسطاوي الفرصة ليطالب المخرجين المغاربة بالتعامل باحترافية أكثر مع الممثلين، وعدم إحراجهم بدعوتهم للتمثيل أمام وجوه غير احترافية.
برَّر داوود زجَّه بثلاثة ممثلين كبار (محمد بسطاوي ومحمد مجد ومصطفى تاه تاه) وسط قبيلة من الكومبارس، بالشروط المادية الصعبة التي صوّر فيها «في انتظار بازوليني». أما فريدة بورقية، فاختارت لفيلمها نخبةً من أجود الممثلين المغاربة. حتى الأدوار الصغيرة أدّاها نجوم كبسطاوي نفسه الذي ظهر في دور لم يدم أكثر من ثلاث دقائق. طبعاً وفرة النجوم جعلت أداء الممثلين مُحكماً، وقد حظي العمل بإعجاب الجمهور رغم أنه لم ينل أي جائزة.
أغلب الأفلام المغربية التي أنتجت في السنوات الأخيرة، شهدت حضور ممثلين مغاربة لهم سمعتهم اليوم: كالممثل العالمي حميدو بنمسعود، والممثل اليهودي المغربي سيمون الباز، وسناء موزيان التي جاءت إلى بطولة «سميرة في الضيعة» للمخرج لطيف لحلو من «الباحثات عن الحرية» لإيناس الدغيدي! كما أنّ دينامية الإنتاج الحالية (25 فيلماً طويلاً منذ أواخر 2005)، جعلت عدداً من الممثلين المتميزين يضطلعون بأدوار البطولة لأول مرة في السينما، مثلما هي الحال مع محمد خيي الذي لعب بطولة فيلمين شاركا في طنجة: «ريح البحر»، و«سميرة في الضيعة» حيث أدى دور زوج عاجز جنسياً وحاز جائزة أفضل دور رجالي.
طبعاً، هناك ممثلون آخرون جربوا أدوار البطولة في السينما لأول مرة، بعد نجومية راسخة في التلفزيون والمسرح، كهشام بهلول بطل «القلوب المحترقة» الذي حاز الجائزة الكبرى لمهرجان طنجة، و(الوزيرة) ثريا جبران بطلة «أركانة».
وإذا كان نبيل عيوش منح بطولة فيلمه المذهل «علي زاوا» لمجموعة من أطفال الشوارع ليؤدُّوا أدوارهم الحقيقية التي “يلعبونها” في الشارع، فقد اعتُبرت نوال وداد مفاجأة الدورة. هذه الصبية التي تعاني من اعاقة ذهنية أدَّت دور البطولة في «الدراجة» لحميد فريدي، باتقان فاجأ الجميع، وذلك في عمل شاعري بدا مخرجه شديد التأثر بالسينما الإيرانية.
ظاهرة أخرى برزت في هذه الدورة، هي هجرة ممثلين مغاربة إلى الإخراج. لكن فيما قدَّم الممثلون الشباب رشيد الوالي وحسن هموش ونوفل براوي ومحمد نظيف أفلاماً قصيرة جميلة وذكية، أساء الممثل الكبير البشير السكيرج لرصيده الفني بفيلم غريب عن السينما هو «كان حتى كان». وقد احتكر فيه السكيرج كل شيء: السيناريو والإخراج والإنتاج والتمثيل بل التصوير. الشيء نفسه بالنسبة الى الكوميدي سعيد الناصري في فيلمه «عبدو عند الموحدين». طبعاً الطريق إلى الإخراج لا ينبغي أن تكون مغلقة أمام الممثلين. لكن تجربة الممثل الطويلة أمام الكاميرا لا تؤهله تلقائياً للجلوس على مقعد المخرج. والدليل هو سقطة السكيرج المدوية التي اعتُبرت فضيحة الموسم السينمائي في المغرب.