تختتم أعمال المؤتمر بجلسة خاصة، تكاد تكون تحية متأخرة من «الأخبار» إلى رئيس تحريرها الراحل جوزف سماحة. تحية لم تعرف «الأخبار» كيف تؤديها، ولا تعرف إن كانت ستكون كافية، هي التي لم تعتد غياب مؤسسها وأبيها الروحي... اشتهر جوزف سماحة بأنه صاحب القلم الجريء، الملتزم، الذي لا يخفي مواقفه ويعبّر عنها بصراحة تامة، وباحترام للتعددية والمحاججة وأصول الحوار الديموقراطي... جوزف صاحب العبارة التي تتكرر على ألسنة من رافقوه: «ليست الشطارة أن نهاجم أميركا وإسرائيل، بل أن نسلّط الضوء على من ينفذ المشروع الأميركي». كان الصحافي الذي زاوج بين ماركس وعبد الناصر، العلمانيّة والخط الممانع، قد وصل الى محطّة محوريّة في مسيرته، تتيح له مع زملائه وشركائه الاقتراب أكبر قدر ممكن من المثل والقواعد الأخلاقيّة والمهنيّة التي آمن بها، من خلال منبر معارض، نقدي، مطلبي، منفتح على المجتمع المدني وقوى التغيير... حين خطفته المنيّة في عزّ مغامرة التأسيس... ما جعل «الأخبار» تبدو لكثير من زملائه وقرائه بمثابة الوصيّة، والتركة التي ينبغي تطويرها ودفعها على الطريق الصعب الذي يجمع بين التزام لا خجل منه، ومهنيّة لا حاجة إلى أي مشروع إعلامي من دونها.
ذهب جوزف مبكراً، وترك لنا حلمه: جريدة مهنية، عصرية، تقدّم نفساً مختلفاً في الصحافة اللبنانية «التي ماتت وباتت تحتاج إلى جريدة تنعاها» كما كان يكرّر. هذا هو جوزف، الصحافي والإنسان الذي يستعيده أصدقاؤه حازم صاغية، وحسن داوود، ونهلا الشهال، في جلسة أنس يحييها الزميل بيار أبي صعب، عند السادسة من مساء الغد في فندق مونرو.