strong>صباح أيوب
أن تكون جنديّاً في خضمّ معركة طاحنة وتتمكّن، بكبسة زرّ، من أن تختفي عن أنظار العدوّ وتتابع المعركة دون أن يراك أحد... هذا ما تحلم به كل جيوش العالم منذ زمن بعيد وهذا ما شاهدناه في أفلام «جايمس بوند» وبعض الألعاب الاكترونية فقط... لغاية الآن. ورغم التطور التكنولوجي الكبير الذي لحق بصناعة الأسلحة على اختلاف أنواعها لم تُبتكر سوى وسائل بسيطة و«بدائية» في التمويه ما زالت تطبّق في المعارك حتى يومنا هذا. لكن هذه الأساليب لن يطول استخدامها على ما يبدو، وقد تنتقل «تكنولوجيا الحرب» إلى تقنيات عالية في التمويه تصل إلى حدّ «الاختفاء» فعلياً، إذ تعمل حالياً وزارة الدفاع البريطانية، «جدّياً»، على تطوير تقنية جديدة قد تمكّن جنودها، خلال أقلّ من عشر سنوات، من خوض معارك «غير مرئية»! فقد نقلت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية، إعلان وزارة الدفاع أنها ستقوم بتجربة بعض النماذج التكنولوجية التي من شأنها أن تخفي الدبابات والجنود على أرض المعركة. كيف؟ يشرح الخبير في علوم التكنولوجيا جون باندري للصحيفة، أنّه قد تمّت بالفعل بعض التجارب على «الإخفاء» وقد تكللت بالنجاح.
والتقنية تقضي بأن تزوّد الآليات بكاميرات فيديو تصوّر المشهد الذي يحيط بالآليات أو الجنود، وتقوم بتسليط ما صوّرته عليهم بواسطة بعض المكوّنات التي عدّلت نواتها وتدعى Metamaterials، فتُبثّ الصور على الآليات أو الجنود وتغطّيهم فـ«تخفيهم» عن العدوّ الذي لن يرى سوى الصور التي تبثّها الكاميرات والتي ستكون مشابهة للمواقع و«الديكور» الطبيعي المحيط به، وهكذا ستتمكن القوّات البريطانية (الآلية منها والبشرية) من أن تخوض المعركة دون أن يصيبها خدش واحد لأنها بكلّ بساطة ستكون «غير مرئية» من جانب عدوّها. حلم قد يحققه البريطانيون قريباً، ويتوقّع العلماء دخوله طور التنفيذ خلال العشر سنوات القادمة. وقد استوحى العلماء فكرة تقنّيته من أفلام «هاري بوتر» الشهيرة التي استخدمت فيها بعض تقنيات التصوير المشابهة والتي مكّنت أبطال الفيلم من الاختفاء في بعض المشاهد باستخدام «الستار السحري». هذا «الستار» الذي يعتمد على تقنية التحكّم بالأضواء وكيفية تسليطها بحيث تُخفي ما وراءها من أشياء أو أشخاص. وقد طوّر «المهتمون» هذه التقنية بتعديل على مكوّنات الضوء والصورة بحيث خلقوا «غطاءً» لا ظلّ له ولا انعكاس. وفي هذا المجال، يمكن رؤية هذه التقنية، على موقع YouTube حيث يقدّم عالم ياباني بعض التجارب الحيّة لنماذج طوّرها مستخدماً التقنية ذاتها، حيث تمكّن من إخفاء جزء من جسمه أو الاختفاء كلياً وراء شاشة عازلة أو كرة بلّورية أو بارتدائه معطفاً عادياً مخصصاً لهذه الغاية. والفيلم بعنوان «تمويه بصري» Optical camouflage
لم يعد تطوّر تقنيات الحرب إذاً حكراً على اختراع «الروبوتات» التي من شأنها أن تخوض «معارك عن بعد» فتقلل من نسبة الخسائر البشرية، ولا حتى باختراع تقنيات مراقبة و«صواريخ ذكية»، الأكثر إرهاباً اليوم هو ما يدور فعلاً في «مصانع الحرب» من تحديث لتقنيات لا يُفرج عن أسرارها سوى القليل القليل، وهذا إن دلّ على شيء فعلى أنّ زمن الحروب لن ينتهي قريباً.