strong>معمر عطوي
تركت مرحلة انقسام الألمانيتين بصماتها على الأدب الألماني، ولا سيما أعمال الروائيين الشباب. وقد تجلّت هذه الحقبة بأحداثها المعقّدة والملتبسة من خلال روايات نالت شهرتها أوروبياً وعالمياً، لعل آخرها رواية «سيدة الظهيرة» للكاتبة يوليا فرانك التي فازت بـ«جائزة الكتاب الألماني» خلال معرض فرانكفورت الأخير.
«تأسر يوليا فرانك القارىء بشهوانية شديدة وغير معتادة وتكاد تكون مخيفة»، بهذه العبارات، قدّم موقع «مداد» الأدبي الألماني الناطق بالعربية، الروائية الشابة (37 عاماً) التي تحكي في «سيدة الظهيرة»، قصة جدّتها الممرضة هيلين التي كافحت شظف العيش خلال الحرب العالمية الثانية. بعد قصة حب عاصفة لكن قصيرة بسبب وفاة حبيبها، تزوجت هيلين ابنة العائلة اليهودية رجلاً آخر ورزقت منه طفلاً (فرانك والد يوليا)، لكنّ حياتها الزوجية لم تدم طويلاً، إذ اتّخذت القرار المفاجئ بترك عائلتها ولمّا يتجاوز ابنها الثامنة بعد.
تنتمي يوليا فرانك إلى الجيل الأحدث من كتّاب جمهورية ألمانيا الشرقية (السابقة): ولدت في برلين الشرقية عام 1970، ثم انتقلت مع أسرتها إلى غرب ألمانيا، ومنها الى الولايات المتحدة حيث عاشت فترة طويلة. وفي أميركا الوسطى، أكملت تحصيلها العلمي في الدراسات الأميركية القديمة، لكنّها عادت الى برلين لتدرس الأدب الألماني الحديث والفلسفة. عندما انتقلت يوليا وهي ابنة ممثلة من برلين الشرقية، مع عائلتها الى الغرب الألماني عام 1978، بقيت تحمل فكرة كتابة هذه القصة لمدة عشر سنوات ولم تنفك تبحث عن جدتها لتعرف منها السر. بعدما تنقّلت هذه الروائية الشابة بين مهن عديدة من نادلة، فمفرغة للتسجيلات، إلى صحافية في وسائل إعلامية متنوعة، نشرت باكورتها «الطباخ الجديد» عام 1997 وتلتها أربعة أعمال أخرى.
في عام 2003، نشرت «نيران المخيم» التي صدرت ترجمتها العربية في القاهرة. في هذه الرواية، تناولت يوليا فرانك الواقع السياسي في ألمانيا خلال حقبة الانقسام عبر أربعة أشخاص هاجروا من ألمانيا الشرقية الى الجزء الغربي حيث اجتمعوا في مخيم «مارينفيلد» للاجئين الذي تعرفه المؤلفة من خلال تجربتها الخاصة عندما انتقلت مع أسرتها إلى الغرب. وفي حديث أجرته مجلة «أخبار الأدب» الإلكترونية مع فرانك، أشارت الكاتبة الى أنّ الرواية ليست سياسية، بل هي رواية عن الانتقال والصداقة والحب والوحدة وفقدان الثقة. وأوضحت أنّها «حسب رأي كثيرين، تُعتبر أوّل مَن كسر تابو الحديث عن اللاجئين الشرقيين، إذ تحدثت بوضوح عن السياسة الغربية تجاههم، لكن يمكن القول إنّ الرواية تعتبر نقداً للحاضر من خلال منظور تاريخي»، غير أنّها أضافت أنّ الرواية هي «رد فعل على تصرّفات أمي التي كانت تشعر بمسؤولية تجاهي وتجاه إخوتي، فقررت الهجرة أملاً في حياة أفضل لنا، على رغم أنّني كنت أتمنى البقاء حيث ولدت ونضجت. أعتقد أنّها كانت تتصرف من أجل مصلحتنا». تجدر الإشارة إلى أنّ جائزة «الكتاب الألماني» (37500 يورو أوروبي) شبيهة بجائزة «بوكر» البريطانية و«غونكور» الفرنسية، لكنها تختلف عن «بوكر» بأنّ الجائزة الألمانية تُمنح بناء على توقّعات لجنة التحكيم بنجاح الكتاب جماهيرياً، لا لجهة أفضليّتها من الناحية الفنية أو التقنيّة، إذ يمكن كل دار نشر من ألمانيا والنمسا وسويسرا ترشيح روايتين لهذه الجائزة.