فاطمة داوود
«المؤسسة اللبنانية للإرسال» تبحث عن مواهب في عالم الرقص الشرقي. مشاركات من العالم أجمع، من مصر إلى كوستاريكا، يتنافسن ابتداءً من هذا السبت، على لقب «راقصة القرن» في برنامج استعراضي، تحت إشراف سيمون أسمر ونجوى فؤاد

تعرف LBC دوماً من أين تؤكل الكتف. منذ البداية، كان شغلها الشاغل «إغواء» المشاهد، وإنتاج برامج الترفيه. لم تكتف بأن تكون الراعي الأول للموجة الفنية الجديدة والمواهب الغنائيّة الشابة، بل تبنّت الكثير من الصرعات المحلية والأجنبية، مكرّسة ثقافة استهلاك، همّها الأول والأخير «تسلية» الناس. هكذا أعطت القناة اللبنانيّة الأولوية للصورة وللإبهار، وغالباً على حساب المضمون، حاملةً في جيبها ورقةً رابحة تُدعى سيمون أسمر.
وبعد البحث عن المواهب الغنائية، وزوج المستقبل، والمصمّم العربي، حان الوقت للقيام برحلة شيّقة، تمتد إلى شهرين، لاكتشاف راقصة جديدة، «تعيد مجد بديعة مصابني وتحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف وسهير زكي»... ولأن سيمون أسمر هو عرّاب الاستعراض في لبنان، كان طبيعياً أن يدير دفة البرنامج الراقص، بالاتفاق مع شركة imagic (المنتجة) التي وجدت ضرورة ملحّة على ما يبدو لإنتاج برنامج خاص يُصدّر راقصات شرقيات إلى العالم العربي.
«هزّي يا نواعم»، لن يكون فقط عنوان البرنامج، بل امتحاناً صعباً تعيشه 12 مشتركة عربية، سيرقصن أمام ملايين المشاهدين، ويقدّمن لوحات استعراضية تجمع أكبر نسبة من الأصوات، وتنال إعجاب لجنة التحكيم.
لم يكن ينقصنا إذاً إلا الرقص... فماذا عن البرنامج الجديد؟ يؤكد روني جزّار، صاحب الفكرة، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه استوحى الفكرة من طغيان برامج اكتشاف المواهب الغنائية ونجاحها الجماهيري، «بعدما وجدتُ أن هذا الفن ينحو صوب الأفول، لا بل أصبح مهملاً للغاية». ويوضح: «اعتدت على هذا الفن عشرات الدخيلات، عربيات كنّ أو أوروبيات أو أميركيات، فأصبح مهنة من لا مهنة لها. فيما كان في الماضي فناً راقياً، له قيمته وأربابه. إضافةً إلى ذلك أننا لم نعد نسمع بأي راقصة شرقية على مستوى سامية جمال أو كاريوكا، لذا سنسخّر جهودنا لنطلق نجمةً بكلّ ما للكلمة من معنى. لكننا لن نعتمد على عناصر الإبهار وحدها، ولن نستعين باللوحات الاستعراضية كما درجت العادة أخيراً، فالأولوية هنا «للمؤهّلات» الخاصّة بكل راقصة أو هاوية رقص! لا أظنّ أن مسألة ابتكار لوحة استعراضية مرافقة للمشتركة تجدي نفعاً في هذا الوضع. سينشدّ المشاهد إلى الأضواء والراقصين، وهذا لن يوصلنا إلى الهدف المنشود».
جزّار، لا يخشى المغامرة، ما دامت الفكرة مثيرة بحدّ ذاتها، «من منّا لا يستهويه الرقص الشرقي»؟، مشدداً على هدفه بـ«الارتقاء بهذه المهنة التي باتت عرضةً للتدهور والانحطاط». لكن لماذا ينطلق البرنامج من لبنان، على رغم شهرة مصر بتصدير الراقصات وتنظيم مهرجانات الرقص الشرقي على مدى عقود خلت؟ يجيب جزّار بصراحةً: «نحن كشركة إنتاج، لا نعمل ضمن أطر جغرافية ضيقة، بل نتوجه إلى الوطن العربي برّمته (وهذا هو بيت القصيد طبعاً) سواء كان البثّ من لبنان أو من أي مكان آخر. وإذا كان ذلك مقدّمة للانتقادات، فأنا أتقبّل كل الملاحظات إذا كانت موضوعية، وإلاّ فلن أناقش من يريد الهجوم علينا فقط من أجل الهجوم».
وهل تحتاج الساحة الفنية فعلاً إلى راقصات، ما دامت المغنيات قد تحولن إلى الرقص على المسرح وفي الفيديو كليبات؟ يدافع روني جزّار، وهو صاحب شركة imagic، عن فكرته، قائلاً: «المغنيّة لا تقدّم الرقص الشرقي بل تتمايل على أنغام الموسيقى. كما أن مفهوم هذا الفن مختلف جداً عمّا نشهده حالياً، فاللوحة الراقصة تمتد إلى ثلاث دقائق مثلاً، فيما تحتاج إلى تدريب مكثّف وراء الكواليس، وشتّان ما بين هذا وذاك».
يبدو جزّار محقّاً باعتبار الرقص الشرقي فكرةً مثيرة. فهذا يخفّف عنه عبء القلق حيال النجاح أو الفشل. وتاريخ هذه المهنة حافلٌ بالكثير من النشاطات السياسية، بدءاً بـ«بديعة مصابني»، اللبنانية التي تزعّمت المسرح الاستعراضي 30 عاماً، وتزوجت نجيب الريحاني، وتمتعت بنفوذ سياسي قوي. ثم تحية كاريوكا التي كانت أول راقصة شرقية تحوّلت إلى سجينة رأي لمدّة ثلاثة أشهر عام 1953 بسبب نقدها العلني لتقاعس الضباط الأحرار عن إعادة الحياة الدستورية إلى مصر، وظلت تناضل حتى الثمانينات لإسقاط قانون يحاصر حرية الممثلين. كذلك، مثّلت نجوى فؤاد ظاهرة فنية، فكانت أول راقصة تقدّم وصلة على المسرح إلى جانب عبد الحليم. ونسجت حولها حكاياتٌ عدة عن ارتباطها بالسياسيين، وخصوصاً بعدما رقصت أمام هنري كيسينجر عام 1974، بعد عودة الودّ بين مصر وأميركا.
وفؤاد (عضو في لجنة تحكيم البرنامج)، اعتزلت الرقص منذ 8 سنوات، وهي ترى أن الراقصات لا يرتقين إلى المستوى المطلوب، «وأنا اعتزلت احتراماً لفني»، متّهمةً الفضائيات بالترويج للرقص الغنائي المبتذل بعدما «تحولت كلّ مغنية إلى راقصة». وقد كشفت عن نيّتها بإنشاء فكرة مماثلة لهذا البرنامج في مصر، و«إقامة معهد تحت رعاية وزارة الثقافة كي ننشئ فرقة قومية».
المخرج سيمون أسمر، يرى أن البرنامج سيثير الجدل، في الوقت الذي فشلت فيه مهرجانات الرقص الشرقي التي تنظّم في مصر منذ سنوات، على رغم مشاركة نجوى فؤاد العام الماضي في أضخم مهرجان للرقص، وتقديمها البذلة التي رقصت فيها أمام كيسينجر إلى الفائزة.
أمّا المؤسسة اللبنانية للإرسال فتبدو متحمّسة جداً لبث البرنامج في أقرب وقت ممكن، تزامناً مع برنامج الموضة والأزياء «ميشن فاشن»، بما أنهما لا يتعارضان ولا ينتميان إلى نوعية البرامج نفسها: فلا الكاميرات الخفية ستتلصّص على الراقصات، ولا الثرثرات الفارغة ستنقل على الهواء مباشرة.
بقي أن نذكر أن لجنة التحكيم في «هزي يا نواعم» تتألف من «عروس الرقص الشرقي» نجوى فؤاد، المخرج سيمون أسمر، مدرّب الرقص المصري ظاظا حسن، والمدربتين اللبنانيتين نادرة عسّاف وأميليا زيدان. كما تم اختيار 12 صبية من مصر، سوريا، المغرب، لبنان، البرازيل، أوكرانيا، كوستاريكا، روسيا وفرنسا... هؤلاء سيتنافسن على مدى 8 أسابيع ويرقصن على الطريقة الأندلسية والصعيدية والبلدية والتراثية من بلدان عدة، بدعم من فرقة إيلي العليا الموسيقية. فيما سيتولّى التقديم الممثل والمذيع يوسف الخال.
هل حقاً يهدف البرنامج إلى إحياء الرقص الشرقي، وإعادة بعض الاعتبار إلى هذا الفن؟ قد تأتي الإجابة من المسؤولة الإعلامية في LBC سنا اسكندر، التي تؤكد أن مستقبل الراقصة ـــــ الفائزة ما زال مجهولاً، «ولم تتّضح الفكرة النهائية حول توقيع عقد إنتاجي. الأفكار مطروحة للنقاش، حسب وضع الفائزة، فإذا كانت برازيلية مثلاً ستراعى ظروفها الخاصّة... لا أستطيع الجزم بشيء حالياً».

السبت 20:45 على LBC، ويعاد الخميس 20:30 على الفضائية اللبنانية