خالد صاغية
صحيح أنّ تحالف الحريري ـــــ جنبلاط ـــــ جعجع قد حصد أكثرية المقاعد النيابية خلال انتخابات عام 2005، إلّا أنّ هذا التحالف مني بهزيمة قاسية جداً في المتن وجبيل وكسروان. وكان وليد جنبلاط أوّل من أقرّ بالهزيمة، وقدّر أهمية تأثيرها على الأحداث اللاحقة، فهدّد بالحرب الأهلية على ما يذكر الجميع. اضطرّ سعد الدين الحريري إلى نقل مقرّ إقامته إلى أحد فنادق طرابلس، وإلى إطلاق وعود تنمويّة في مناطق الشمال المحرومة، و«تسويق» المرشّحة ستريدا جعجع في القرى العكارية.
جاءت نتائج انتخابات الشمال لتهدّئ من روع البيك ولتنقذ ما بقي من قوى 14 آذار من الهزيمة. لكنّها لم تحقّق لها نصراً تامّاً. فعدد المقاعد التي حصلت عليها الأغلبية الحالية جاءت أدنى بكثير من التوقّعات التي سادت قبيل الانتخابات والتي زعمت قدرة الحصول على مئة مقعد، أو ما يتجاوز ثلثي المجلس.
لا يمكن الأغلبية أن تتناسى أنّ فوزها لم يكن «تامّاً»، وأنّ هذا الفوز المنقوص لا يخوّلها، بصرف النظر عن السجالات الدستورية، الاستفراد باختيار رئيس. ولا ينفع القول في هذا السياق إنّ الوضع قد تبدّل، وإنّ الرأي العام المسيحي اكتشف هول ما فعله حين سلّم أمره للعماد ميشال عون. فانتخابات المتن الفرعية أثبتت أنّ هذا التبدّل ليس جذرياً إلى درجة تغيير نتائج صناديق الاقتراع، وقد تمكّن طبيب «عونيّ» مجهول من كسر أقوى مرشّح متني لدى الموالاة. أضف إلى ذلك، أنّ الدخول في أطروحات التبدّل يفتح الأبواب أمام الأخذ في عين الاعتبار تبدّل الخيارات الانتخابية لحزب الله في دائرة بعبدا عاليه.
الدعوة إلى التوافق على رئيس للجمهورية اليوم ليست إنكاراً لحق الأكثرية في الاختيار. إنّه تذكير بأنّ هذه الأكثريّة جاء عددها ناقصاً في صناديق الاقتراع.