قبل الفورة الفضائية، كان التخاطب بين علماء الدين تحكمه قواعد محددة، تمنع تبادل الاتهامات وخروج الخلافات إلى العلن، أياً كان حجمها. لكن مساندة الفضائيات للدعاة الجدد، في مقدمتهم عمرو خالد، استفزّت «شيوخ السلفية» الذين رفضوا طويلاً استخدام وسائل الإعلام لنشر دعوتهم. وما أن ظهرت قنوات دينية تعتمد على ميزانيات ضئيلة، حتى استفادات من النقد الموجه إلى الدعاة الجدد، بسبب إعلاناتهم المنتشرة في الشوارع، وملابسهم الفاخرة، ورحلاتهم المستمرة إلى الخارج، وكأنهم رجال أعمال لا رجال دين. هكذا استعانت قناتا «الناس» و«الحكمة» مثلاً بأسماء اقتصر نشاطها سابقاً على الخطابات في المساجد وشرائط الكاسيت التي تباع على الرصيف، وهو ما أدى إلى مواجهة بين الطرفين، بلغت ذروتها عندما خرج الشيخ أبو اسحاق الحويني، ليعلن عبر تسجيلات موثّقة، رفضه لظاهرة عمرو خالد، واتهامه بتضليل الناس، منتقداً أيضاً ظاهرة الفنانات المحجبات. صحيح أن الحويني لم يقل ذلك علانية عبر قناتي «الحكمة» و«الناس»، لكن جمهوره يروّج لتلك التسجيلات حتى وصلت إلى موقع «يوتيوب».
وقد أحكم «شيوخ السلفية» قبضتهم على القنوات الجديدة، فطردوا منها جميع النساء العاملات أمام الكاميرا وخلفها، وأصرّوا على الظهور بالجلباب الأبيض فقط، من دون أي ديكورات أو مؤثرات خاصة. وها هي المعركة بين الشيوخ تتحول إلى حرب بين الفضائيات الدينية، وصلت إلى حد تلقّي الدكتور طارق السويدان، مدير قناة «الرسالة» التابعة للوليد بن طلال، اعتراضاً على ظهور الشيخ محمود المصري على شاشة «الرسالة»، وهو من الوجوه الأساسية في قناة «الناس».