على الرف كتاب «الخطط المقريزية» لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي. تلتصق بالكتاب قصاصة ورق: «تاريخ مصر حتى عام 1600: كتاب لطيف». هذا التعليق وضعه صاحب المكتبة عصام عياد الذي يعشق الكتب القديمة، ولا يهمل الأخرى الجديدة. بلغ عدد الكتب التي جمّعها ولما يزل في الـ 18 من العمر حوالى 1500. في أحد أزقة شارع الحمرا البيروتي، تقع «عيادته» كما يسمّيها. هنا يشكو الزبائن علتهم، فيشخّص لهم المرض والدواء المناسب. وهو يرفض المساومة، وخصوصاً على الكتاب النادر، لأنه في النهاية سلعة يجب دفع ثمنها. وتبلغ ذروة سعادته، حين ينجح في تأمين الكتاب لمن يريده حقاً ويعرف قيمته. العمل السياسي هو الذي أتى بعصام عياد، اليساري الهوى، إلى «حرفة الوراقة» إذا جاز التعبير. وهذه حال خالد المغربي، صاحب «مكتبة المعري» التي تقع في شارع الحمرا أيضاً. خالد الذي يعمل في هذه المهنة منذ 35 عاماً، يرفض التعامل بالتليفون أو الكومبيوتر، فهذه مهنة تتطلب التفاعل المباشر وبنـــــــاء علاقة تواطؤ فكري وثقة مع الآخر. وفقــــــــاً لهــــــذه القاعدة، قد يبدّل للزبون كتاباً نصحه به ولم يعجبه. أما عيسى الأحوش صاحب «مكتبة بيســـــــان» في الحمرا، فيؤكد أن مهنة «المكتبجي» الحقيقي في طريقها إلى الانقراض بسبب الذين يتعاملون مع المكتبة كأنها سوبر ماركت. اختار عيسى مهنتـــــه، ولم تفرضهــــا عليـــه الظـــروف. عشقــــه للكتب يجعله ينزعج من زبون لا يحتـــــــرمها... إذ ينزل من سيارة فخمة بعشـرات آلاف الدولارات، و«يقصدنا للمساومة على دولار من ثمن الكتاب».