رغم المحور المتفجّر، وتنوّع وجهات النظر والخطابات من أقصى المحافظة إلى أقصى الليبراليّة، اتسمت أعمال ندوة غوته «الفن في ميزان الحريّة»، بمناخ من الهدوء والاحترام والتواصل... والطرافة أحياناً. وشهد النقاش مواجهات ومفارقات ومفاجآت مثيرة أيضاً. الفنانة حنان الحاج علي كان من المفروض أن تدير جلسة «الرقابتان الدينية والحكوميّة» بحضور ممثلي ثلاث طوائف لبنانيّة، حين طالعتنا بمونولوغ مسرحي استفزازي قلب قواعد اللعبة، وبدأ بفتوى إرضاع الكبير، وانتهى بدعوة إلى تحرير أسماء الله الحسنى من أسر المعاجم والقواميس. كأننا بها تذكّر بنسبيّة المفاهيم، وتدعو إلى تجدد العقليات خارج التحجر الديني والأصولي. الأب مونّس بدوره فاجأ الجمهور بليبراليّة مفرطة، إذ هاجم الشيخ يوسف البدري، وقال: لا تعيّنوا أنفسكم محامي دفاع عن الله، فالله عزّ وجلّ يدافع عن نفسه! وسيذكر الجمهور طويلاً غضب روجيه عسّاف حين حوّر الرائد الأسمر سؤاله عن مبررات الرسوم المرتفعة التي يدفعها المسرحي عن كل عمل «مقابل»عرضه على الرقابة. كما بدا الجو مشحوناً حين تكلّم الكاتب والناقد عمار أحمد حامد، ممثل الرقابة السوريّة. قال حامد إنه كان خائفاً من المجيء إلى بيروت، لكنّه وجد الأمور طبيعيّة، وحين أكد أن المبدع السوري لا يعاني أية قيود، انفجرت الصالة بالضحك. ولم يفوّت الزميل بيار أبي صعب فرصة وجود ممثل رسمي في الندوة، فوجّه تحيّة إلى «الكاتب ميشيل كيلو، وكل سجناء الرأي في سورية والعالم العربي».
وروى مو حمزة مغامرة عجيبة عاشها قبل سنوات، حين خضع لتحقيق طويل من جهاز مكافحة الإرهاب، إذ اتهم ـــ لكونه مدير فرقة روك ـــ بالانتماء إلى جماعة عبدة الشيطان. فيما قال مازن كرباج إن الرقيب الحقيقي الذي يعاني بطشَه هو رئيس التحرير، معبراً عن أمله أن يبقى طويلاً في «الأخبار» لأنّها الجريدة الأخيرة التي تقبل برسومه الاستفزازيّة!