محمد عبد الرحمن
مسلسل بليغ حمدي يبدأ تصويره بعد طول انتظار.
وردة وصباح وعبد الوهاب وعبد الحليم على الشاشـة، ومعهم حكاية نصف قرن من الموسيقى العربية. كل شيء عن ملحّن «حب إيه»، على شاشات رمضان المقبل


بدأ الحديث عن مسلسل «مداح القمر» قبل ثلاث سنوات تقريباً. يومها، أعرب ممدوح عبد العليم عن نيته تقديم سيرة بليغ حمدي على الشاشة الصغيرة. وسرعان ما أوكل مهمة الإخراج إلى مجدي أحمد علي وكتابة السيناريو إلى محمد الرفاعي. وما إن دخل ممدوح البلاتوه، حتى تصاعدت الخلافات بينه وبين المخرج وتأجّل العمل. اختار المخرج لاحقاً هاني سلامة، لكنّ الممثل سرعان ما اعتذر، وبقيت الحال على ما هي عليه حتى أعلنت مدينة الإنتاج الإعلامي أخيراً بدء التصوير منتصف الشهر المقبل لعرض العمل في رمضان المقبل. أما البطل الجديد فهو محمد نجاتي.
يقول المخرج مجدي أحمد والمؤلف محمد الرفاعي إنّ مسلسلهما حالة خاصة. لماذا؟ لأنّ بليغ لم يكن مطرباً مشهوراً وصورته ليست راسخة في ذهن المشاهد، حتى يقارن بين ما يراه على الشاشة وما يعرفه عنه. ومن هذا المنطلق، يؤكد أنّ النقد الذي طارد مسلسلات «أم كلثوم» و«العندليب» و«السندريلا» لن يتكرر. كما أنّ حياة بليغ في حدّ ذاتها تستحق المتابعة: هو كان فوضوياً، محباً للحياة، يفعل ما يحلو له، ويفتح بيته للجميع. وهذه قوة درامية تضاف إلى المسلسل الذي سيؤرّخ للمسيرة الفنية في مصر خلال خمسين عاماً. إنما من وجهة نظر ملحّن هذه المرة، تَعامل مع الجميع، وليس من قبل مطرب مشهور، يتوقّف ظهور الشخصيات عند مدى علاقتهم به.
لهذا السبب، وصل عدد الشخصيات في المسلسل إلى 400، لم يستقر مجدي أحمد علي بعد إلا على محمد نجاتي في الدور الرئيسي ونادية رشاد في دور الأم. فيما البحث ما زال جارياً عن زوجته وردة الجزائرية مستمرّاً، علماً بأنّ الترشيحات محصورة اليوم بين أنغام وسمية الخشاب وسلاف فواخرجي، أو أي اسم رابع يتمتع بصوت جميل لأنّها ستدندن بصوتها مع بليغ وهو يحفّظها الألحان.
ولهذا السبب أيضاً، ارتفعت أسهم محمد نجاتي، فصوته مقبول كما أنّه يجيد العزف على العود، ويخضع لتدريبات مكثفة هذه الأيام. وذلك حتى يغنّي بصوته، وليس على طريقة الـ«بلاي باك»، وخصوصاً أنّ العمل ـــــ كما يراه الرفاعي ـــــ موسيقي بالدرجة الأولى. حتى أنّ المسلسل سيقدم أشهر أغاني بليغ، لتكشف النقاب عن ألحان حفظها الجمهور عن ظهر قلب، ولا يعرف صاحبها: على سبيل المثال، يظنّ كثيرون أن بليغ قدّم لكوكب الشرق خمس أغنيات فقط، لكنه في الواقع لحّن لها 11 أغنية.
ويضيف الرفاعي عنصراً مهماً سيميّز عمله عن باقي مسلسلات المشاهير، وهو الاتفاق بينه وبين أسرة الملحن الممثلة بشقيقه مرسي سعد الدين، على تقديم صورة بليغ الحقيقية لا صورة ملائكية.
هكذا سيسلط الضوء على دوره البارز في تطوير الموسيقى العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فضلاً عن عشقه للون الشعبي الذي دفعه إلى التلحين لمحمد رشدي.
لكن هل سيتطرق إلى قضية اتهامه بجريمة قتل فنانة مغربية مغمورة، سقطت من شرفة منزله، وهروبه خارج مصر لسنوات؟ يؤكد الرفاعي أن العمل سيتناول الحادثة مستنداً إلى الوثائق والشهادات. فـ«الملحّن كان بريئاً من تهمة القتل. منزله كان دائماً مفتوحاً لكلّ من يعرفه، وسنثبت أنّه كان غائباً عن الشقة أثناء وقوع الجريمة... أما بالنسبة إلى هروبه من مصر، فهذا الموقف كان متوقعاً من شخص مثل بليغ لم يكن ليتحمّل السجن يوماً واحداً، علماً بأن السنوات التي قضاها في باريس كانت من أسوأ أيام حياته».
وكان المؤلف قد حرص على مقابلة عدد من الفنانين والكتّاب الذين عايشوا بليغ، بينهم عبد الرحمن الأبنودي وصلاح عرّام وميشال المصري ووجدي الحكيم وميادة الحناوي، فضلاً عن وردة التي ارتبطت به لسنوات، والتي رحبت بتقديم المسلسل، لكنها عادت واعتذرت.
ومن أبرز الشخصيات النسائية التي يقدمها المسلسل: أم كلثوم، وردة، شادية، صباح، نجاة الصغيرة، عفاف راضي، ميادة الحناوي وفايزة أحمد. أما بالنسبة إلى الرجال، فسيطلّ: محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، أنور منسي، محمد فوزي، محمد رشدي، محرّم فؤاد والأبنودي، إضافة إلى زملاء الدراسة، الذين أصبحوا من المشاهير، مثل: صلاح عرّام، ميشيل المصري وعبد النور خليل. ومن الشخصيات غير الفنية، شقيقته صفية التي توفيت في الذكرى الأربعين لرحيله ومدبرة شؤون منزله.
ويعتبر الرفاعي المسلسل دراما وثائقية، إذ إن أحداً لم يصدر كتاباً توثيقياً عنه، مشيراً إلى أنّه لم يرتكز إلى خياله إلا في ما ندر، وخصوصاً في فترتي الطفولة والمراهقة. وسيظهر محمد نجاتي من الحلقة الرابعة، وتستمر الأحداث حتى عودة بليغ من باريس مكسوراً، وتعرضه للتهديدات من جماعات متطرفة، ليشعر أنّ البلد الذي غنّى له، لم يحمه من هؤلاء. علماً بأن حمدي أنتج بنفسه الأغنيات الوطنية الشهيرة التي خرجت بعد حرب أكتوبر، لأن الإذاعة آنذاك لم تكن تملك ميزانية لإنتاج الأغاني. وقد مات مصاباً بسرطان الكبد عن عمر يناهز الـ63 عاماً، خاتماً مشواره مع أغنية علي الحجار «اللي بنى مصر».
وحتى الآن، ما زالت مدينة الإنتاج الإعلامي هي المنتج الوحيد للعمل الذي رُصدت له ميزانية ضخمة، بسبب تصوير بعض المشاهد في لبنان وسوريا والمغرب وإنكلترا وفرنسا. ويُنتظر أن يبدأ التصوير في منتصف كانون الأول (ديسمبر) المقبل، إذا ما استكمل التعاقد مع الممثلين. وفي حين يتولى عمار الشريعي تأليف الموسيقى التصويرية، لم يحدد بعد اسم المطرب الذي يؤدي المقدمة والخاتمة الغنائية، علماً بأن ميادة الحناوي عرضت غناءها مجاناً، تقديراً منها لمكانة بليغ حمدي.